الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيد العامل في المضاربة يد أمانة، وليست يد ضمان، ولذا فهو لا يتحمل الخسارة مهما كانت، ولا يضمنها ما لم يتعد أو يفرط. وبالتالي، فشريكك ليس له تحميلك ما أصاب من خسارة، وهذا فيما إذا لم يحصل من العامل تقصير ولا تفريط ولا إهمال ولا إخلال بما اشترطه رب المال، فإن حصل شيء من ذلك من العامل ضمن لرب المال الضرر الذي لحقه بسبب ذلك، جاء في مغني المحتاج: والعامل أمين فيما في يده، فإن تلف المال في يده من غير تفريط لم يضمن، لأنه نائب عن رب المال في التصرف فلم يضمن من غير تفريط كالمودع.
وفي المعايير الشرعية: المضاربة من عقود الأمانات، والمضارب أمين على ما في يده من مال المضاربة إلا إذا خالف شروط عقد الأمانة فتعدى على مال المضاربة، أو قصّر في إدارة أموال المضاربة، أو خالف شروط عقد المضاربة، فإذا فعل واحداً أو أكثر من ذلك، فقد أصبح ضامناً لرأس المال.
والمضاربة عقد جائز في الأصل، لكنها قد تلزم، فلا يكون لأحد الطرفين فسخها استقلالا، جاء في المعايير الشرعية: الأصل أن عقد المضاربة غير لازم، ويحق لأي من الطرفين فسخه إلا في حالتين لا يثبت فيهما حق الفسخ:
أ ـ إذا شرع المضارب في العمل، فتصبح المضاربة لازمة إلى حين التنضيض الحقيقي أو الحكمي.
ب ـ إذا اتفق الطرفان على تأقيت المضاربة، فلا يحق إنهاؤها قبل ذلك الوقت إلا باتفاق الطرفين.
وعليه، فلو كان قصد صاحبك بالمطالبة برأس المال فسخ المضاربة ووافقته على ذلك، فلا حرج، وتباع الأجهزة ليعلم كم بقي من رأس المال أو تقوم، جاء في القرار الرابع في الدورة السادسة للمجمع: لا مانع شرعاً من العمل بالتنضيض الحكمي ـ التقويم ـ من أجل تحديد أو توزيع أرباح المضاربة المشتركة، أو الصناديق الاستثمارية، أو الشركات بوجه عام، ويكون هذا التوزيع نهائياً مع تحقق المبارأة بين الشركاء صراحة أو ضمنا... اهـ.
وإذا كان كذلك وتم التراضي على الفسخ وقومت الأجهزة واشتريتها من صاحبك، فحينئذ تكون الأجهزة ملكا لك ولو بعتها بعد ذلك بربح، فربحها لك وحدك، لأن الغنم بالغرم، وأما إن كنت لم ترض بالفسخ قبل بيع الأجهزة، فالشركة باقية حتى تباع الأجهزة، وما كان من ربح فهو بينكما بحسب الاتفاق، وأما هل يعتبر رأس المال دينا في ذمتك: فقد بينا سابقا أنك غير ضامن ما لم يحصل منك تعد أو تفريط، وبالتالي، فرأس المال ليس دينا في ذمتك بهذا الاعتبار إلا إذا كان قد حصل منك تفريط، فتضمن حينئذ.
والله أعلم.