الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن توضأ بنية استباحة الصلاة، أو بنية رفع الحدث فله أن يصلي ما شاء من الصلوات ما لم ينتقض وضوؤه، والمعتبر في إبطال الطهارة هو نفس انتقاض الوضوء، لا العلم أو غلبة الظن بأن الشخص سينقض وضوؤه، فلو توضأ شخص للظهر مثلًا ومن نيته أن ينام بعدها، ثم لم ينم، وبقيت طهارته بحيث لم ينقضها بناقض آخر، جاز له أن يصلي بوضوئه هذا العصر، وما شاء من الصلوات حتى تنتقض طهارته، وفي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، قِيلَ لَهُ فَأَنْتُمْ كَيْفَ تَصْنَعُونَ؟ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ نُحْدِثْ.
ولا نظن أن هذه المسألة مما يخالف فيه أحد من أهل العلم، وإذا كان الجمهور من العلماء، كما رأيت في الفتوى المذكور رقمها في السؤال على أن من توضأ بنية استباحة صلاة معينة جاز له أن يصلي ما شاء من الصلوات، فكيف إذا نوى استباحة الصلاة مطلقًا، أو رفع الحدث مطلقًا؟! هذا مما لا شك في كونه يصلي بوضوئه هذا ما شاء من الصلوات حتى ينتقض وضوؤه، ولا عبرة بما قد يغلب على ظنه من كونه قد ينقض طهارته في وقت معين، بل العبرة بانتقاض الطهارة في نفس الأمر، وهذا واضح جدًّا غير محتاج إلى كثير إيضاح.
والله أعلم.