الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد كان بوسعك -والحال كما ذكرت- أن تمتنع من طلاق تلك المرأة حتى تسقط لك مهرها، أو بعضه، لكن ما دمت طلقتها من غير شرط، فقد تقرر مهرها بالخلوة الصحيحة عند الحنفية، والحنابلة، قال الكاساني: فَالْمَهْرُ يَتَأَكَّدُ بِأَحَدِ مَعَانٍ ثَلاثَةٍ: الدُّخُولُ، وَالْخَلْوَةُ الصَّحِيحَةُ، وَمَوْتُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ. بدائع الصنائع.
وقال الخرقي: وإذا خلا بها بعد العقد، فقال: لم أطأها، وصدقته لم يلتفت إلى قولهما، وكان حكمها حكم الدخول.
ولا يلزمك فعل شيء ضد المرأة، أو الشخص الذي له علاقة بها.
ولست في شيء من الدياثة ـ والعياذ بالله ـ فإنّك لم تقرّ زوجتك على الحرام، لكن الواجب عليك ألا تتهم المرأة، أو الرجل بالفاحشة دون بينة ظاهرة.
وإذا ظهرت لك بينة فالأصل أن تستر، ولا تفضح، قال ابن عبد البر -رحمه الله-: ...فيه أيضًا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة، وواجب ذلك عليه أيضًا في غيره، ما لم يكن سلطانًا يقيم الحدود. التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (5/ 337)
والذي ننصحك به أن تطوي تلك الصفحة الماضية، وتبحث عن امرأة ذات دين، وخلق تتزوجها، فلعلّ الله يعوضك خيرًا، ويخلف عليك، قال تعالى: وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ {النساء:130}، قال القرطبي: أي وإن لم يصطلحا بل تفرقا فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيّض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. الجامع لأحكام القرآن - (5 / 408).
والله أعلم.