الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحاجة لا تبيح التعامل بالربا، وإنما تبيحه الضرورة، وحد الضرورة هي ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء.
وعلى ذلك؛ فإن كنت لا تجدين نفقتك، ونفقة من تلزمك نفقته إلا بالعمل، ولم تجدي إلا هذا العمل المذكور في السؤال، وكان الانتقال إليه بسيارة خاصة آمنًا، وبدون هذه السيارة تتعرضين لخطر محقق، أو غالب على الظن -فنرى أن هذه الحال ينطبق عليها حد الضرورة، ونرجو ألا يكون عليك بأس حينئذ في شراء هذه السيارة عن طريق بنك ربوي، إذا لم تجدي سبيلًا غيره لشرائها.
وننبه إلى أن الانتقال إلى هذه البلدة إن كان يعد في العرف سفرًا، فإنه لا يجوز إلا مع زوج، أو محرم؛ لما في الصحيحين عن ابن عباس -رضى الله عنهما- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم، ولا يدخل عليها رجل إلا ومعها محرم. فقال رجل: يا رسول الله، إني أريد أن أخرج في جيش كذا وكذا، وامرأتي تريد الحج. فقال: اخرج معها. قال النووي -رحمه الله-: فالحاصل: أن كل ما يسمى سفرًا تُنهى عنه المرأة بغير زوج، أو محرم، سواء كان ثلاثة أيام، أو يومين، أو يومًا، أو بريدًا، أو غير ذلك، لرواية ابن عباس المطلقة، وهي آخر روايات مسلم السابقة: "لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم"، وهذا يتناول جميع ما يسمى سفرًا. والله أعلم. انتهى من شرح مسلم للنووي.
والله أعلم.