الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنهنئك على ما أنعم الله عز وجل عليك من نعمة الهداية إلى الطريق الحق، والاستقامة عليه، ونسأله أن يرزقك الإخلاص في القول والعمل، ويجنبك الرياء، والخطأ، والزلل، إنه على كل شيء قدير.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى أرقام: 1208، 10800، 12928.
وقد سبق لنا بيان فضل إخفاء الطاعة، وأن ذلك أفضل، ما لم تدع حاجة إلى الإظهار، فيمكن مطالعة الفتوى رقم: 165657 .
ولا يلزمك شرعا إخبار زوجتك بكل ما تقوم بفعله، سواء من أمور العادات، أو من أمور العبادات، بل قد ورد عن السلف أنهم كانوا يستحبون أن يكون للرجل خبيئة من عمل صالح، لا تعلم به زوجته، ولا غيرها.
ولا ينبغي لك المبالغة في أن تخفي عنها الأمور العادية، وقد يكون الأولى -أحيانا- أن تستشيرها في بعض هذه الأمور التي لا تقتضي المصلحة الراجحة إخفاءها عنها، وكل هذا تطييبا لخاطرها، وإبعادا للشيطان عن الدخول بينكما، وإفساد حياتكما.
وحسن أن تكون منك المبالغة في إخفاء الطاعات، ولا بأس بأن تظهر بعضها -إن أمنت الرياء- كإظهار الصوم مثلا، اتقاء للخلاف معها. هذا مع العلم بأن الكذب على الزوجة، مرخص فيه، إن لم يكن ذلك في أمر متعلق بحق من حقوقها، كما يمكن مداراتها، واستخدام المعاريض أحيانا، وراجع للمزيد الفتوى رقم: 34529، ورقم: 52870.
والمقصود الأساسي تحري الحكمة، بحيث تحقق ما تريد أن تخفي من الطاعات؛ للاستعانة بذلك على الإخلاص، والبعد عن الرياء، وفي الوقت نفسه تتقي الخصام مع زوجتك، وتفوت الفرصة على الشيطان؛ لئلا ينغص عليكما عيشكما، روى مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن إبليس يضع عرشه على الماء، ثم يبعث سراياه، فأدناهم منه منزلة، أعظمهم فتنة، يجيء أحدهم فيقول: فعلت كذا وكذا، فيقول: ما صنعت شيئا. قال: ثم يجيء أحدهم، فيقول: ما تركته حتى فرقت بينه، وبين امرأته -قال-: فيدنيه منه، ويقول: نعم، أنت. قال الأعمش أراه قال: فيلتزمه.
والله أعلم.