الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فإذا كنت تعني بالتعويض الديةَ (ديةَ القتل)؛ فإنها حق لجميع الورثة، وتقسم بينهم القسمة الشرعية؛ جاء في الموسوعة الفقهية في بيان من يستحق الدية: أَمَّا دِيَةُ النَّفْسِ فَهِيَ مَوْرُوثَةٌ كَسَائِرِ أَمْوَال الْمَيِّتِ حَسَبَ الْفَرَائِضِ الْمُقَدَّرَةِ شَرْعًا فِي تَرِكَتِهِ، فَيَأْخُذُ مِنْهَا كُلٌّ مِنَ الْوَرَثَةِ الرِّجَال وَالنِّسَاءِ نَصِيبَهُ الْمُقَدَّرَ لَهُ بِاسْتِثْنَاءِ الْقَاتِل، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ}، وَلِمَا رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُول اللَّهِ قَال: الْعَقْل مِيرَاثٌ بَيْنَ وَرَثَةِ الْقَتِيل عَلَى فَرَائِضِهِمْ، وَهَذَا قَوْل أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ، وَذَكَرَ ابْنُ قُدَامَةَ رِوَايَةً أُخْرَى عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَال: لاَ يَرِثُ الدِّيَةَ إِلاَّ عَصَبَاتُ الْمَقْتُول الَّذِينَ يَعْقِلُونَ عَنْهُ، وَكَانَ عُمَرُ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- يَذْهَبُ إِلَى هَذَا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ لَمَّا بَلَغَهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- تَوْرِيثُ الْمَرْأَةِ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا، فَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثِ الضَّحَّاكِ الْكِلاَبِيِّ قَال: كَتَبَ إِلَيَّ رَسُول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ دِيَةِ زَوْجِهَا أَشْيَمَ. اهـ.
فأولاد المرأة الميتة لهم حق في ديتها سواء الذكور والإناث، فلا يجوز لزوجها أن يحرمهم من حقهم في ديتها، ولهم الحق في مطالبته بنصيبهم برفق ولين، فإذا أبى ومنعهم حقهم فإنه يكون متعديًا ظالمًا، وهم بالخيار بين العفو عنه -لا سيما إذا كان زوجُها والدَهم؛ فإن له حق البرّ- وبين أن يرفعوا الأمر للمحكمة الشرعية حتى تنزع منه حقهم، ولا يُعد هذا عقوقًا. وانظر الفتوى رقم:283534.
وإذا عفوْا فلا يشترط لصحة العفو أن يطلب منهم ذلك، بل لهم أن يعفوا عنه من تلقاء أنفسهم.
والله أعلم.