الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الكتاب وإن كان من الكتب المفيدة في بابه، إلا إنه لا يخلو من هنات، منها طعنه في بعض الشخصيات الإسلامية الشهيرة، كالصحابي أبي الطفيل بن واثلة ـ رضي الله عنه ـ وجعفر الصادق ـ رحمه الله ـ.
ومنها طعنه في بعض الأحاديث الصحيحة، كحديث الكساء في فضل فاطمة، وعلي، والسبطين ـ رضي الله عنهم ـ جميعًا.
ومما يعاب عليه أيضًا: استخدامه الأسلوب الساخر اللاذع في نقده لكلام ودعاوى أهل البدع، مما قد يفهم منه الحط على أمير المؤمنين علي، وولديه الحسن، والحسين ـ رضي الله عنهم ـ جميعًا.
وهذا الأسلوب وإن كان يحمل معنى صحيحًا، إلا أنه يشوبه أحيانًا إغفال لأقدار الناس، وإنزالهم منازلهم اللائقة بهم، فيتوهم القارئ أنه لا يقدرهم قدرهم، وإنما مراده إثبات المعنى الصحيح بأسلوب فيه حط على المخالفين.
والكلام الذي نقله السائل من هذا الباب، فليس مقصوده العيب في شخص علي ـ رضي الله عنه ـ أو الحط من تدبيره لأمور الخلافة، وإنما مراده الرد على أهل البدع في دعواهم أن (الحكم لو كان بيد علي وذريته لأكل الناس من فوقهم، ومن تحت أرجلهم لبنًا، وعسلًا، ومنًّا، وسلوى)! وذلك ببيان واقع الحال في عصر علي ـ رضي الله عنه ـ وهذا لا يعني أنه السبب في ذلك، أو أن مسؤوليته تقع عليه.
وقوله: يا ليت هذه الدماء قد سالت في فتوح إسلامية، قد يفهم منه تخطئة علي ـ رضي الله عنه ـ في قتال أهل الشام، وهذا خلاف الصواب، فإن عليًّا ومعاوية ـ رضي الله عنهما ـ اجتهدا، وكان علي أقرب للصواب من معاوية، كما جاء في الحديث في قتال الخوارج: هم شر الخلق، أو من أشر الخلق، يقتلهم أدنى الطائفتين إلى الحق. رواه مسلم. وقد كان علي ـ رضي الله عنه ـ هو من قاتلهم، وقتلهم.
والله أعلم.