الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل حرمة الكذب، والأدلة في ذلك كثيرة معلومة، فالواجب عليك البعد عنه والحذر منه كل الحذر، وإذا احتجت للكذب على أمك للحصول على ما يأذن لك فيه أبوك من المال، فلتستخدمي التورية، والمعاريض، إن أمكنك ذلك، فإن لم تستطيعي شيئا من ذلك، وكنت إذا أخبرت الوالدة بأنك تريدين المال تغضب عليك غضبا شديدا، وتحصل لك بذلك مشقة بالغة، فإنه يرخص لك في الكذب في هذه الحالة، لأجل الحصول على المال الذين تحتاجين إليه والمحافظة على رضا والدتك، وراجعي في ذلك الفتويين رقم: 111035، ورقم: 264991.
وبناء على ما سبق، فإن ما قمت به من الكذب في أسعار الكتب والمصاريف الدراسية إن كنت قد فعلته مضطرة بحيث لم تجدي أي وسيلة أخرى للحصول على المال المأذون في أخذه مع المحافظة على إرضاء أمك وعدم غضبها عليك، فهو من الكذب المرخص فيه، وإلا فإنه يبقى على أصل الحرمة، قال الإمام النووي في رياض الصالحين: فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب، جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا كان الكذب واجبا. اهـ.
ويقول الشيخ ابن باز: أما الكذب على أمك، أو على أبيك: فلا يجوز، بل ينبغي لك تحري الصدق، والعناية بالأسلوب الحسن، والحرص على رضاهما بكل وسيلة مباحة، لكن لو قدر أن هناك مسألة إذا صدقت فيها، غضبوا عليك، وصار بينك وبينهم مشقة كبيرة، والكذب لا يضر أحداً من الناس، ولكن يرضيهما، ولا يضر أحداً من الناس، فهو من جنس الإصلاح، لا حرج عليك فيه عند الضرورة، فيدخل في قسم الإصلاح، إذا كان كذباً لا يضر أحداً من الناس، وإنما يحصل به رضا الوالدين، وعدم زعلهما عليك أو سبهما لك. اهـ.
وأما المال الذي أخذت: فليس حراما ما دام في إطار ما أذن لك أبوك في أخذه، وننصحك مستقبلا بالحرص على الصدق والبحث عن وسيلة تحقق لك الحصول على المال دون كذب من أي نوع.
والله أعلم.