الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
ففي البداية، ننصح السائلة بأن تخفف على نفسها مما تشعر به من ضيق، وحرج، فالأمر أسهل مما تتصور، ولا يتطلب كل هذه الحسرة، والحزن، كما ننصحك بالإعراض عن الوساوس، وعدم الالتفات إليها، فإن ذلك علاج نافع لها.
ثم إن الاحتلام قد عرفه النووي بأنه: مَا يَرَاهُ النَّائِمُ مِنْ الْجِمَاعِ، فَيَحْدُثُ مَعَهُ إنْزَالُ الْمَنِيِّ غَالِبًا، فَغَلب لَفْظُ الاحْتِلامِ فِي هَذَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَنَامِ، لِكَثْرَةِ الاسْتِعْمَالِ. اهـ. وهذا إنما هو من حيث المعنى.
وأما من حيث الحكم الشرعي: فإن الغسل إنما يترتب على خروج المني، سواء كان ذلك عن رؤية شيء من تلك الصور التي ذكرتها، أم لم يكن.
وبناء عليه؛ فجميع ما جاء في سؤالك، لا يجب منه الاغتسال، إذا لم يترتب عليه خروج المني.
ثم إنه لا فرق بين المني الخارج بسبب الاحتلام، وبين الخارج بسبب العادة السرية، إلا في حصول الإثم في العادة السرية.
ومني المرأة له صفات مميزة، بينها أهل العلم، فقد جاء في كتاب فتح العزيز بشرح الوجيز للرافعي الشافعي: للمني خواص ثلاث:
أحداها: الرائحة الشبيهة برائحة العجين والطلع، ما دام رطبًا، فإذا جف، اشتبهت رائحته برائحة بياض البيض.
والثانية: التدفق بدفعات، قال الله تعالى: "من ماء دافق".
والثالثة: التلذذ بخروجه، واستعقابه فتور الذكر، وانكسار الشهوة.
وله صفات أخر، نحو: الثخانة، والبياض في مني الرجل، والرقة، والاصفرار في مني المرأة، في حال اعتدال الطبع، لكن هذه الصفات ليست من خواصه، بل الودي أيضًا أبيض، ثخين، كمنيّ الرجل، والمذي رقيق كمنيِّ المرأة.
وإذا عرفت ذلك، فنقول: ما ليس من خواصه، لا ينفي عدمه، كونه منيًا، ولا يقتضي وجوده، كونه منيًا. انتهى.
وقال النووي في شرح صحيح مسلم: وأما مني المرأة، فهو أصفر رقيق، وقد يَبْيضّ لفَضْل قُوَّتها، وله خاصيتان يعرف بواحدة منهما: إحداهما أن رائحته كرائحة مني الرجل، والثانية التلذذ بخروجه، وفتور قوتها عقب خروجه. انتهى.
والله أعلم.