الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يشفي والدتك ويعافيها مما تعاني منه.
وأما عن الرقية: فإن القرآن سبب للخير والعافية والبركة؛ وبتلاوته وسؤال الله به يحصل الشفاء وتفريج الكروب ـ بإذن الله ـ ويمكن علاج المريض بالفاتحة والمعوذتين ففي حديث الترمذي: من قرأ القرآن فليسأل الله به.
وفي صحيح البخاري ومسلم عَنْ عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ـ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَنْفُثُ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْمَرَضِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ بِالْمُعَوِّذَاتِ، فَلَمَّا ثَقُلَ كُنْتُ أَنْفثُ عَلَيْهِ بِهِنَّ وَأَمْسَحُ بِيَدِ نَفْسِهِ لِبَرَكَتِهَا.
وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث الرقية، حديث عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المريض فدعا له قال: أذهب الباس رب الناس، واشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك، شفاء لا يغادر سقماً. متفق عليه.
وصح عنه أن الدعاء بالاسم الأعظم وبدعاء يونس عليه السلام مستجاب، ففي مسند أحمد وسنن الترمذي والمستدرك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوة ذي النون إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له. والحديث صححه الحاكم ووافقه الذهبي والألباني.
وعن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل قائم يصلي فلما ركع وسجد تشهد ودعا، فقال في دعائه: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه أتدرون بم دعا، قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى. رواه النسائي والإمام أحمد.
وأما القراءة على الزيت أو الماء فلا حرج فيها، فقد روي فعل ذلك عن بعض السلف، وليس هذا واجبا، ويمكن القراءة على المريض مباشرة، ووضع اليد على موضع الألم، أو على رأس المصاب، أو يقرأ بين كفيه وينفث فيهما ثم يمسح بهما بدنه أو بدن المصاب.
قال ابن مفلح ـ رحمه الله تعالى ـ: قال صالح ـ ابن الإمام أحمد بن حنبل ـ: ربما اعتللت فيأخذ أبي قدحا فيه ماء فيقرأ عليه ويقول لي: اشرب منه، واغسل وجهك ويديك. ونقل عبد الله بن الإمام أحمد أنه رأى أباه يعوذ في الماء ويقرأ عليه ويشربه، ويصب على نفسه منه. انتهى من" الآداب الشرعية " (2 / 441) .
وقال الشيخ عبدالله بن جبرين ـ رحمه الله تعالى ـ: وثبت عن السلف القراءة في ماء ونحوه، ثم شربه أو الاغتسال به مما يخفف الألم أو يزيله؛ لأن كلام الله تعالى شفاء كما في قوله تعالى: ( قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ ) وهكذا القراءة في زيت أو دهن أو طعام، ثم شربه أو الادهان به أو الاغتسال به، فإن ذلك كله استعمال لهذه القراءة المباحة التي هي كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
وقال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ: أما كون القرآن يكتب في إناء ويصب عليه الماء ثم يروج ويشربه الإنسان فهذا فعله السلف رحمهم الله، يكتبون في إناء للزعفران آية الكرسي، المعوذات وشيئاً من القرآن ثم يصب عليه الماء، ويروج هكذا باليد أو بتحريك الإناء، ثم يشربه الإنسان فهذا فعله السلف، وهو مجرب عند الناس، ونافع بإذن الله " انتهى من "اللقاء الشهري" (3/ 485).
ثم إن القراءة في حال الوضوء افضل وإن لم يتيسر الوضوء فلا حرج.
والله أعلم.