الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد تكلمنا عن صفة المقربين والطريق إليهم في الفتويين رقم: 254683، ورقم: 178083، وتوابعهما.
نسأل الله أن يرزقنا وإياك هذه المنزلة العظيمة، وكون العبد قد أذنب لا يحرمه هذه المنزلة ما دام تاب إلى الله عز وجل، فالتائب من الذنب كمن لا ذنب له، وقد كان أكثر الصحابة مشركين، ومنَّ الله على الكثير منهم بأن كان من المقربين، قال ابن الجوزي في زاد المسير: قوله عزّ وجلّ: وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ـ فيهم خمسة أقوال:
أحدها: أنهم السابقون إلى الإيمان من كل أُمَّة، قاله الحسن، وقتادة.
والثاني: أنهم الذين صلّوا إلى القِبلتين، قاله ابن سيرين.
والثالث: أهل القرآن، قاله كعب.
والرابع: الأنبياء، قاله محمد بن كعب.
والخامس: السابقون إلى المساجد وإلى الخروج في سبيل الله، قاله عثمان بن أبي سودة.
وفي إِعادة ذِكْرهم قولان:
أحدهما: أن ذلك للتوكيد.
والثاني: أن المعنى: السابقون إلى طاعة الله تعالى هم السابقون إلى رحمة الله، ذكرهما الزجاج.
قوله عزّ وجلّ: أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ـ قال أبو سليمان الدمشقي: يعني عند الله في ظلّ عرشه وجواره. انتهى.
وأما عددهم: فقال ابن الجوزي: الثُلَّة: الجماعة غير محصورة العدد. انتهى.
فلا يمكننا أن نضع حدا أدنى لعددهم، ولا فائدة من معرفة عددهم، وإنما علينا أن نعمل بعملهم لعلنا نلحق بركبهم، وراجع كلام ابن القيم عن السابقين في طريق الهجرتين: فصل: في تقسيم الناس من حيث القوة العلمية والعملية.
والله أعلم.