الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فكل ما حدث من ابتداء الأمر إلى آخره لا يجوز شرعا، فالتواصل بين الفتيان والفتيات محرم شرعا؛ فهو ذريعة إلى الفساد، وما حصل بينك وبين هذا الشاب خير دليل على ذلك، ويتضح فيه تماما ما نبه عليه رب العزة والجلال من استدراج الشيطان الخلق إلى المعاصي والفواحش استدراجا؛ كما قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {النور:21}، ولكي يزين هذا العمل يدخل مثل هذه الحيلة بالتسويل بأن هذه العلاقة مبنية على أساس صحيح من التواصي بالحق والعمل على حفظ القرآن ونحو ذلك، وهذه النية الصالحة لا تحسن العمل الذي يكون سيئا في أصله من جهة الشرع. وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 30003، والفتوى رقم: 4220.
ومناداته لك بيا زوجتي أو مناداتك له بيا زوجي لا يجعلكما زوجين شرعا، فالزواج يقوم على شروط وأركان لا يتحقق إلا بها، ومن ذلك صيغة الإيجاب والقبول وإذن الولي وحضور الشهود إلى غير ذلك، ويمكنك مطالعة الفتوى رقم: 1766. فاعتبار كل منكما الآخر زوجا أمر منكر ترتب عليه مثل هذه المنكرات من إبداء العورات ونحو ذلك، فيجب عليكما التوبة النصوح وقطع هذه العلاقة فورا. وراجعي شروط التوبة في الفتوى رقم: 5450.
وأما الزواج فإن أمكنه إقناع أهله بالزواج منك فذاك، وإلا فالأصل أن طاعته والده مقدم على زواجه منك إلا أن تعارض ذلك مصلحة راجحة؛ كما بينا في الفتوى رقم: 93194، وإذا لم يتيسر زواجه منك فلا تتبعيه نفسك، وسلي الله أن ييسر لك زوجا صالحا، فالله عز وجل أعلم بعواقب الأمور، قال عز وجل: وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، هذا مع العلم بأنه لا حرج شرعا في أن تبحث المرأة عن الرجل الصالح في إطار أدب الشرع؛ كما هو مبين في الفتوى رقم: 18430.
وننبه إلى أنه ليس للوالد أن يجبر ولده على الزواج من امرأة لا يرغب في الزواج منها، ولا يجب عليه طاعته في ذلك، فليس هذا من الطاعة في المعروف؛ لكون الزواج تتعلق به مصلحة الولد، وإذا وجد فيه ضرر عاد إليه.
والله أعلم.