الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالوصية لا تثبت إلّا بصيغة تدلّ على التمليك بعد الموت، وراجع الفتوى رقم: 210295.
والذي يظهر لنا -والله أعلم-: أنّ الصيغة المذكورة في السؤال تحتمل الوصية، وتحتمل الوعد بالعطية في الحياة، وقد ذكر بعض أهل العلم أنّ المعتبر في مثل هذا الحال ما فهمه الشهود من الصيغة، فإن فهموا الوصية وجبت حيث استوفت شروطها، وإن فهموا الوعد فلا يلزم بها شيء؛ قال الونشريسي -رحمه الله-: "... والأمر فيه متوقف على ما فهمه الشاهدان عند تحمل الشهادة، فإن أديا على أنهما فهما معنى الوصية والقصد إليها عمل على ذلك، وإن أديا على أنهما فهما الوعد بعطية في الحياة لا على تبتيل العطية ولا على معنى الوصية فلا يجب له بذلك شيء". المعيار المعرب والجامع المغرب (2/ 82).
علمًا بأن من ذكرت من الشهود لا تقبل شهادتهم لك باستثناء عمّك؛ جاء في المغني لابن قدامة: "ظاهر المذهب أن شهادة الوالد لولده لا تقبل, ولا لولد ولده, وإن سفل, وسواء في ذلك ولد البنين وولد البنات. ولا تقبل شهادة الولد لوالده, ولا لوالدته, ولا جده, ولا جدته من قبل أبيه وأمه، وإن علوا, وسواء في ذلك الآباء والأمهات, وآباؤهما وأمهاتهما. وبه قال شريح, والحسن, والشعبي, والنخعي, ومالك, والشافعي, وإسحاق, وأبو عبيد, وأصحاب الرأي". اهـ.
وعمك وحده لا يكفي لإثبات الوصية، لكن إن حلفت معه كفى؛ لأن الوصية هنا بالمال، فيكفي فيها العدل مع يمين المدعي؛ جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: (وإلا) بأن كان المشهود به مالًا أو آيلًا لمال: (فعدل وامرأتان) عدلتان (أو أحدهما): أي: عدل فقط (مع يمين ...). اهـ.
وعليه؛ فالذي نراه أنّك إن كنت جازمًا بأنّ جدّك قصد الوصية، وشهد عمّك أنّه فهم ذلك من عبارة جدّك، فإنّك تستحق هذه الوصية إذا حلفت مع شهادة عمّك، وإلا فلا يجب لك شيء.
وإذا لم تستطع إثبات الوصية ببينة، والحال أنه قد أقر بها بعض الورثة دون بعض، فإنها تنفذ في حق من أقرّ بها بحسب نصيبه في التركة دون غيره ممن لم يقرّ بها، وانظر الفتوى رقم: 113678.
وعلى العموم إن حصل نزاع بينك وبين الورثة في هذا الأمر، فينبغي الرجوع في ذلك للقضاء الشرعي؛ فهو صاحب الاختصاص.
والله أعلم.