الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فحيث تبين لك أن الشركة قد ظلمتك ظلما بينا -كما يظهر من السؤال- ولا تقدر على الوصول إلى حقوقك الثابتة إلا بالتحايل عليها، فلا حرج عليك، بناء على القول بجواز نحو ذلك فيما يعرف بمسألة الظفر، وقد بينا مذاهب الفقهاء فيها في الفتوى رقم: 28871.
وأما ما أخذه المشارك: فإن كان جزءا مما تستحقه لدى الشركة مقابل إعانته لك في الحصول عليه، فلا حرج عليك في ذلك، أما إن كان ما أخذه قدرا زائدا على ما تستحقه ودون ما يبرر له أخذه شرعا، فإن كنت قد أعنته على أخذه فقد أثمت بذلك، لكونه تعاونا على الإثم والعدوان، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
أما ضمان ما أخذه: فيتقرر على من باشر منكما أخذه، فإن كنت أنت من باشرت أخذ المبلغ فيجب عليك رد مثله إلى الشركة، والأصل وجوب الرد على الفور، قال في الفروع: والواجب في المال الحرام التوبة, وإخراجه على الفور بدفعه إلى صاحبه, أو وارثه، فإن لم يعرفه أو عجز، دفعه إلى الحاكم, ومتى تمادى ببقائه بيده تصرف فيه أو لا، عظم إثمه. اهـ.
لكن إن كنت عاجزا عن رد المبلغ كله على الفور، فحينئذ يجوز لك تقسيطه، لعموم قوله تعالى: لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا{البقرة:286}.
أما إن كان هو الذي باشر أخذه: فلا يلزمك ضمانه حتى وإن كنت قد أعنته على أخذه، لما تقرر في قواعد الفقه من أنه إذا اجتمع المباشر والمتسبب أضيف الحكم إلى المباشر، وعليك التوبة مما فعلت في الحالين، وراجع شروط التوبة الصحيحة في الفتوى رقم: 5450.
والله أعلم.