الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما تقوم به مما ذكرت في سؤالك إنما هو إعانة لصاحب المؤسسة على فعله، ومن ثم ينبني حكم ما تقوم به على حكم ما يفعله.
وحسب ما ذكرت في سؤالك؛ فإن صاحب المؤسسة يريد الكذب على البنوك من أجل الحصول على القروض، كما يريد الكذب على أصحاب الأموال بسبب إعساره.
والأصل في الكذب أنه محرم، ولا يجوز إلا لضرورة أو حاجة ماسة أو مصلحة راجحة.
وبخصوص الكذب على البنوك من أجل الاقتراض منها: فلا يجوز؛ لما فيه من الغش، وتعريض أموال الغير للضياع، وهذا على تقدير أن القرض المشار إليه بدون فوائد، وإلا فإن الاقتراض بفائدة -وإن قلّت- محرم أصلًا ما لم تكن هناك ضرورة. وانظر الفتويين 282022، 186161، وإحالاتهما.
وأما الكذب على أصحاب الأموال: فالأصل أنه محرم، لكن حيث تقرر إعسار صاحب المؤسسة، فليس لهم أن يطالبوه بديونهم؛ لعموم قوله تعالى: وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:280}.
وأما بخصوص مشاركة أصحاب الأموال: فإنهم يتحملون شرعًا حصتهم من الخسارة، ولا يجوز لهم أن يطالبوا برؤوس أموالهم كاملة، فضلًا عن أخذ نسبة زائدة عليها، وانظر الفتويين التاليتين: 112990، 77667، ومن ثم فيجوز لصاحب المؤسسة التهرب ممن يطالبونه بذلك، كما يجوز له التهرب ممن يطالبونه بديونهم حال إعساره.
وأما بالنسبة لك: فحيث تقررت حرمة الكذب لأجل الاقتراض من البنك، فتحرم عليك معاونة صاحب المؤسسة على ذلك؛ لعموم قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
وأما بخصوص أصحاب الأموال: فننصحك باستعمال المعاريض معهم؛ ففيها مندوحة عن الكذب. وانظر الفتوى رقم: 171347، وما أحيل عليه فيها.
وإن كنت لا تأمن على نفسك من معاونة صاحب المؤسسة على الكذب المحرم وغيره من المحظورات الشرعية، فعليك بأن تبحث عن عمل آخر مباح، وتترك العمل مع الشخص المذكور. أما إن كنت تأمن من إعانته على الحرام، فلا بأس باستمرارك معه. وحينئذ إن رأيت أن تعود إلى بلادك، فننصحك قبل أن تقرر ذلك بأن توازن جيدًا بين الأمرين من حيث المصالح والمفاسد في كل منهما، كما نذكرك بصلاة الاستخارة.
والله أعلم.