الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الواضح أن أباك لم يهبك مالا تشتري به السيارة التي طلبت، عندما كلمته بهذا الخصوص، وحيث لم يفعل ذلك واكتفى بالسكوت، فإن سكوته هنا ليس دليلا على موافقته ورضاه، بل إنه أقرب إلى الرفض والإعراض عما طلبت، وبالتالي فالمال الذي أخذت ليس لك حق الاختصاص به، والواجب عليك أن ترده ليقسم بين الورثة القسمة الشرعية.
وأما بخصوص ما أعطى أبوك لإخوانك فإن كانوا قد قبضوه في حياته فإنه يصير ملكا لهم، وإن كانوا لم يقبضوه حتى توفي، فإن الهبة تبطل وترد للتركة عند جمهور أهل العلم، كما بينا في الفتوى رقم: 277444.
ثم ننبه إلى أن هبة الأب المهر لمن تزوج من الأبناء دون غيرهم ليس فيها شيء؛ لأن لها مسوغا شرعيا معتبرا وهو الزواج، قال العلامة ابن عثيمين: لو احتاج أحد الأبناء إلى زواج فزوجه فإنه لا يلزمه أن يعطي الآخرين مثل ما أعطى هذا لزواجه، ولكن يجب عليه إذا بلغ الآخرون سن الزواج وأرادوا أن يتزوجوا أن يزوجهم كما زوج الأول. اهـ
وأما هبة الدار والسيارة فإنها هبة جائرة، لأن حاجة الابن ـ إن وجدت ـ تندفع بإعارته الدار أو السيارة دون تملكيها له، كما قدمنا في الفتوى رقم: 121206.
ومع ذلك فإنها ـ أي الهبة الجائرة ـ تمضي بموت الأب قبل الرجوع فيها، وتختص بمن وهبت له عند أكثر أهل العلم، وفي هذه الحالة يستحب للموهوب له ردها بلا خلاف، قال ابن قدامة: ولا خلاف في أنه يستحب لمن أُعطِي أن يساوي أخاه في عطيته, ولذلك أمر أبو بكر، وعمر ـ رضي الله عنهما ـ قيس بن سعد, برد قسمة أبيه ليساووا المولود الحادث بعد موت أبيه. اهـ.
والله أعلم.