الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلم ترد على الإساءة بمثلها، بل اعتديت على ما ليس لك بحق، وهذا ظلم، وجور، وعليك ضمان ما أتلفته، ما لم يسامحك مالكه، ويبرئك من حقه، قال تعالى: إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ {الشورى:42}.
فهؤلاء عليهم السبيل للعقوبة، والاقتصاص؛ إذ لم يردوا الإساءة بمثلها، بل بغوا، واعتدوا، قال تعالى: فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُواْ عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ {البقرة:194}.
هذا هو المقدار الجائز فقط، وتركه أولى؛ لقوله تعالى في شأن درجة المحسنين: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}، وقال: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {الشورى:40}.
فالعفو يكون أجره أعظم، ومقامه أجل، وقد ثبت في صحيح مسلم، وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله.
والله أعلم.