الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت أختك قد أسقطت عن زوجك المبلغ المذكور برضاها، فليس لها الرجوع في ذلك، والساقط لا يعود، كما قرر الفقهاء ـ رحمهم الله ـ جاء في الموسوعة الفقهية: من المعلوم أن الساقط ينتهي ويتلاشى, ويصبح كالمعدوم لا سبيل إلى إعادته إلا بسبب جديد يصير مثله لا عينه, فإذا أبرأ الدائن المدين فقد سقط الدين, فلا يكون هناك دين, إلا إذا وجد سبب جديد, وكالقصاص لو عفي عنه فقد سقط وسلمت نفس القاتل, ولا تستباح إلا بجناية أخرى, وهكذا، وكمن أسقط حقه في الشفعة, ثم رجعت الدار إلى صاحبها بخيار رؤية, أو بخيار شرط للمشتري, فليس له أن يأخذ بالشفعة, لأن الحق قد بطل, فلا يعود إلا بسبب جديد. اهـ.
وفي شرح مجلة الحكام: المادة: 51 ـ الساقط لا يعود، يعني إذا أسقط شخص حقا من الحقوق التي يجوز له إسقاطها يسقط ذلك الحق وبعد إسقاطه لا يعود... مثال: لو كان لشخص على آخر دين فأسقطه عن المدين, ثم بدا له رأي فندم على إسقاطه الدين عن ذلك الرجل, فلأنه أسقط الدين, وهو من الحقوق التي يحق له أن يسقطها, فلا يجوز له أن يرجع إلى المدين ويطالبه بالدين، لأن ذمته برئت من الدين بإسقاط الدائن حقه فيه. اهـ.
ولا عبرة بكونها كانت محتاجة للفلوس أو نحو ذلك، فهذا ليس سببا معتبرا للقول بأنها كانت مكرهة على التنازل وإسقاط حقها، ولمعرفة ضابط الإكراه المعتبر شرعًا انظري الفتويين رقم: 24683، ورقم: 57730.
وأما إن كانت لم تسقط حقها برضاها، بل فعلت ذلك لأجل الحصول على بعض حقها الذي امتنع زوجك من إعطائه لها حتى يبيع القيراط، فإن لها الحق في المطالبة بالمبلغ الذي أسقطته بغير رضا منها، لأن الرضا شرط من شروط التنازل أو الهبة لا تتم إلا به، وقد قال عليه الصلاة والسلام: لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه.
وجاء في غمز عيون البصائر: لو لقن الهبة ولم يعرفها لم تصح, لا لأجل أن النية شرطها, وإنما هو لفقد شرطها، وهو الرضى، وكذا لو أكره عليها لم تصح. اهـ.
ومحل الشاهد فيه أن الرضا شرط في الهبة وكل ما هو في معناها كالتنازل أو الإسقاط.
والله أعلم.