الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث رواه البخاري، ومسلم، وغيرهما، عن أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ، أَوْ طلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ، قَالَ: اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا شَاءَ.
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم: ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء ـ أي أن ما يكون من قضاء حاجة السائل، أو عدمه كائن بمشيئة الله، وقدره، وأن الشافع مأجور على كل حال، جاء في شرح البخاري لابن بطال: أي أن الساعي مأجور على كل حال، وإن خاب سعيه، ولم تنجح طلبته، وأن الإنسان لا يتكلم إلا بمشيئة الله المحرك للسانه، والمقلب لقلبه.
وجاء في فتح الباري للحافظ ابن حجر: وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ ـ أَيْ يُظْهِرُ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ بِالْوَحْيِ، أَوِ الْإِلْهَامِ مَا قَدَّرَهُ فِي عِلْمِهِ بِأَنَّهُ سَيَقَعُ.
ومعنى الحديث إجمالًا، كما جاء في مرقاة المفاتيح للملا قاري: إِذَا عَرَضَ صَاحِبُ حَاجَةٍ حَاجَتَهُ عَلَيَّ اشْفَعُوا لَهُ إِلَيَّ، فَإِنَّكُمْ إِنْ شَفَعْتُمْ لَهُ حَصَلَ لَكُمْ بِتِلْكَ الشَّفَاعَةِ أَجْرٌ، سَوَاءٌ قُبِلَتْ شَفَاعَتُكُمْ أَوْ لَمْ تُقْبَلْ، وَقَوْلُهُ: وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ ـ أَيْ: يُجْرِي عَلَى لِسَانِي: مَا شَاءَ ـ أَيْ: إِنْ قَضَيْتُ حَاجَتَهُ مِنْ شَفَاعَتِكُمْ لَهُ، فَهُوَ بِتَقْدِيرِ اللَّهِ، وَإِنْ لَمْ أَقْضِهَا، فَهُوَ أَيْضًا بِتَقْدِيرِ اللَّه.
والله أعلم.