الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق أن فصلنا القول حول ممارسة ما يسمى باليوجا في الفتوى رقم: 1043، وبينا فيها أنها ليست مجرد رياضة بدنية، وإنما هي عبادة يتوجه بها أصحابها إلى الشمس من دون الله.
وذكرنا أنه لا بأس بأداء التمارين التي يمارسها أصحاب رياضة اليوجا بشرط: تجريدها عن الطقوس والكلمات الوثنية، وبشرط خلوها عن التوجه إلى الشمس والانحناء والتحية لها، مع مراعاة أمرين:
الأول: مخالفة ترتيب الأوضاع المذكورة في اليوجا وإدخال بعض الأوضاع الجديدة عليها منعاً للمشابهة.
الثاني: عدم فعلها في الأوقات التي يحرص الهندوس على أدائها فيها ـ كوقت شروق الشمس ـ .
وأما مع عدم التقيد بهذه الشروط فإن ممارستها غير جائزة، ولو لم يقصد الشخص التشبه بالوثنيين في ذلك، فإن قاعدة باب التشبه بالكفار: أنه لا يشترط في التشبه المنهي عنه وجود قصد التشبه، بل التشبه يحصل بمجرد الموافقة، ولو دون قصد المشابهة، قال ابن تيمية: فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة وقت طلوع الشمس ووقت الغروب، معللا بأنها تطلع وتغرب بين قرني شيطان، وأنه حينئذ يسجد لها الكفار. ومعلوم أن المؤمن لا يقصد السجود إلا لله تعالى، وأكثر الناس قد لا يعلمون أن طلوعها وغروبها بين قرني شيطان ولا أن الكفار يسجدون لها، ثم إنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة في هذا الوقت حسما لمادة المشابهة بكل طريق، وكان فيه تنبيه على أن كل ما يفعله المشركون من العبادات ونحوها، مما يكون كفرا أو معصية بالنية، يُنهى المؤمنون عن ظاهره وإن لم يقصدوا به قصد المشركين سدا للذريعة وحسما للمادة. ومن هذا الباب أنه صلى الله عليه وسلم، كان إذا صلى إلى عود أو عمود جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولم يصمد له صمدا. اهـ. باختصار من اقتضاء الصراط المستقيم.
والله أعلم.