الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن المفتى به عندنا أن المؤثرات الصوتية على ضربين:
الضرب الأول: أن تكون أصواتا طبيعية كالآهات والترديدات ونحوها ولم تعدل بالحاسب أو بغيره، فهذا الضرب جائز لا بأس به.
والضرب الثاني: أن تكون المؤثرات يتم فيها معالجة الأصوات باستخدام برامج الحاسب أو غيرها، بحيث تصبح الأصوات بعد المعالجة شبيهة بالأصوات التي تصدر عن الآلات الموسيقية، فهذا الضرب غير جائز، وحكمه حكم المعازف المحرمة، كما سبق في الفتويين التالية أرقامهما: 125271، 126334.
فما كان مباحا من هذه المؤثرات فلا إشكال فيه، وأما المحرم منها فلا يجوز استعماله في الأعراس وغيرها، كما في الفتوى رقم: 168211.
وأما ما يتعلق بما عبرت عنه بدفع الضرر بأقل منه، فهو بمعنى قاعدة ارتكاب أخف المفسدتين لدفع أعلاهما، وهي قاعدة شرعية وعقلية لا إشكال فيها، لكن محل العمل بها هو إذا تعين ارتكاب إحدى المفسدتين، قال ابن تيمية: فتبين أن السيئة تحتمل في موضعين: دفع ما هو أسوأ منها إذا لم تدفع إلا بها، وتحصيل ما هو أنفع من تركها إذا لم تحصل إلا بها... وذلك ثابت في العقل كما يقال: ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين. اهـ. مجموع الفتاوى باختصار.
وتشغيل الأناشيد المصحوبة بالمؤثرات الممنوعة ليس متعينا للتخلص من الأغاني الهابطة، فهناك بدائل أخرى، كالأناشيد الهادفة المصحوبة بالدف مثلا، أو غير ذلك من المباح.
والمهم هو التنبه على أن التوسع في ارتكاب المحرم للتخلص من محرم أشد منه ليس صحيحا في كل حال، بل الواجب هو نبذ المحرمات جميعها، والإقلاع عنها كلها، إلا في حال تعين ارتكاب أحد أمرين محرمين، فحينئذ يُفعل أدناهما مفسدة، لدرء أعلاهما.
والله أعلم.