الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الانتفاع بالملخص المذكور، ولا يلزمك البحث والتفتيش هل أذن مؤلف الكتاب في تلخيص كتابه أم لا، وذلك أقرب إلى التنطع والغلو، فيجتنب، وهناك قاعدة عامة ذكرها شيخ الإسلام في مجموع الفتاوى قال: والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكاً له إن ادعى أنه ملكه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا كنت جاهلاً بذلك، والمجهول كالمعدوم... وأما المسلم المستور فلا شبهة في معاملته أصلاً، ومن ترك معاملته ورعاً كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان. اهـ بتصرف يسير.
ثم إننا لو فرضنا أن المؤلف لم يستأذن في ذلك ولم يأذن، فإنا نقول إن أكثر الفقهاء المعاصرين يرون أن تلخيص الكتب لا يحتاج إذنا من صاحب الكتاب الأصلي، لأن الملخص غير الكتاب وهو من جهد الباحث، وإن اعتمد فيه على فكرة أو عمل لغيره، لكن ذكره للمصدر الذي تم تلخيصه والإفادة منه من الأمانة العلمية، وقد دأب العلماء قديما وحديثا على اختصار الكتب وتلخيصها بهدف تقريبها للناس وتسهيل انتفاعهم بها، جاء في مجلة البحوث الإسلامية الصادرة عن الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالسعودية ما نصه: أما المجيزون للاختصار، فلا يكادون يحصون كثرة، وهذا يظهر من خلال مئات المختصرات التي صنفت في عصور مختلفة، وفي علوم شتى، ففي العلوم الشرعية هناك المختصرات في التفسير، والمختصرات في كتب الحديث، والمختصرات في الفقه... إلخ. اهـ.
وجاء فيها أيضا عند ذكر ضوابط الاختصار: نسبة الكتاب إلى مصنفه، والتنويه به في عنوان المختصر، أو في مقدمته أو فيهما، حتى لا يؤدي عدم التنويه به إلى طمس ذكره ونسيان أمره، في حين أن الجهد الأساسي هو له، لا للمختصر..... اهـ.
وقال الشيخ بكر أبو زيد عن الاقتباس ونحوه: فهو انتفاع شرعي لا يختلف فيه اثنان، وما زال المسلمون منذ أن عرف التأليف إلى يومنا هذا وهم يجرون على هذا المنوال في مؤلفاتهم دون نكير، وعليه فإن منع المؤلف لذلك يعد خرقاً للإجماع، فلا عبرة به، حتى ولو سجله على طرة كتابه، كما يفعله البعض، على ندرة الفعلة لذلك في عصرنا. انتهى.
والله أعلم.