الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طلب الإمارة وبين أن من كان ضعيفا لا يصلح لها، فقال لعبد الرحمن بن سمرة: لا تسأل الإمارة، فإنك إن أوتيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أوتيتها من غير مسألة أعنت عليها. متفق عليه. وقال لأبي ذر: يا أبا ذر؛ إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة؛ إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها. رواه مسلم.
قال النووي: هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات، لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية. اهـ.
ويفهم مما سبق أن النهي هنا سببه طبيعة العلاقة بين الراعي والرعية، وهي علاقة تحتاج من الراعي ومن في حكمه قوة وسلطة وهيبة حتى تكون له حرمة ويستطيع أداء ما تقلد من حقوق الناس، يقول ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: والإمارة تحتاج إلى إنسان قوي أمين، قوي بحيث تكون له سلطة وكلمة حادة وإذا قال فعل، لا يكون ضعيفا أمام الناس لأن الناس إذا استضعفوا الشخص لم يبق له حرمة عندهم وتجرأ عليه لكع بن لكع وصار الإنسان ليس بشيء، لكن إذا كان قويا حادا في ذات الله لا يتجاوز حدود الله عز وجل، ولا يقصر عن السلطة التي جعلها الله له فهذا هو الأمير حقيقة. اهـ
وبالنظر إلى حقائق الأمور يتبين أن إنشاء شركة تجارية خاصة وإدارتها من قبل صاحبها ليس من هذا الباب، فالعلاقة بين صاحب الشركة وعمالها علاقة تجارية بحتة مبنية على عقد واتفاق يلتزم بموجبه كل طرف بحقوق معينة للآخر، ولا ولاية ولا سلطة لصاحب الشركة على العامل، ولا مسؤولية له عليه خارج إطار العقد المبرم بينهما، ومن ثم فلا نرى مانعا للشخص الضعيف من إنشاء شركة تجارية وإدارتها واستئجار العمال ليعملوا عنده فيها على أن يوفيهم حقوقهم وفق العقود المتفق عليها معهم.
والله أعلم.