الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فمن المعلوم أن أيام الحيض قد تنقص وقد تزيد، ولكن أكثر مدة الحيض خمسة عشر يومًا، وما زاد على ذلك فهو استحاضة؛ جاء في الموسوعة الفقهية: وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهِنَّ، لِقَوْل عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ-: مَا زَادَ عَلَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ اسْتِحَاضَةٌ، وَأَقَل الْحَيْضِ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. وَقَال عَطَاءٌ: (رَأَيْتُ مَنْ تَحِيضُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا). وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: النِّسَاءُ نَاقِصَاتُ عَقْلٍ وَدِينٍ. قِيل مَا نُقْصَانُ دِينِهِنَّ؟ قَال: تَمْكُثُ إِحْدَاهُنَّ شَطْرَ عُمْرِهَا لاَ تُصَلِّي. اهـ.
وما دمت ترين الدم في أحد عشر يومًا أو اثني عشر يومًا -كما ذكرت-، فإن هذه مدة لا تتجاوز الخمسة عشر يومًا، فتكونين حائضًا في مدة رؤية الدم، والأيام التي تتخلل تلك المدة وينقطع فيها الدم يرى بعض العلماء أنها داخلة في مدة الحيض، وهذا يسمى بمذهب السحب، فيسحبون أيام الحيض على أيام الطهر، ويعتبرونها كلها أيام حيض، ويرى آخرون أنها أيام طهر، وهذا يسمى بالتلفيق، وهو القول المفتى به عندنا، فإذا انقطع عنك الدم اغتسلت وصليت، وإذا عاد توقفت عن الصلاة، وانظري الفتوى رقم: 138491 عن مذاهب العلماء في الطهر المتخلل للحيضة.
وإذا حكمنا بأن تلك الأيامَ التي ترين فيها الدم حيضٌ؛ فإن المادة البنية التي ذكرت أنك رأيتِها تعتبر في أيامها حيضًا؛ لأنها كدرة في أيام الحيض؛ قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ مِنْ الْحَيْضِ، يَعْنِي فِي أَيَّامِ الْعَادَةِ. وَهَذَا الْمَذْهَبُ. اهـ.
وأما إذا طهرت برؤية القصة البيضاء أو بالجفوف، ثم رأيت كدرة، فإنها ليست من الحيض، ولا عبرة بها؛ لقول أُمِّ عَطِيَّةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: كُنَّا لَا نَعُدُّ الْكُدْرَةَ وَالصُّفْرَةَ بَعْدَ الطُّهْرِ شَيْئًا. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ, وَأَبُو دَاوُدَ وَاللَّفْظُ لَهُ.
والله تعالى أعلم.