الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فواضح جدًّا أنك قد بالغت في الاسترسال مع الوساوس، وقد نصحناك مرارًا بطرح الوساوس وتجاهلها، ونعيد لك النصح بذلك، فلا علاج للوسواس أنفع من تجاهله.
ومن يريد أن يصوم مثل الناس ويتعبد مثلهم، فعليه أن يتوقف عن الانجرار وراء الوساوس التي لا طائل منها، ولتراجعي الفتوى رقم: 51601.
ثم نقول للسائلة إن المضمضة وغسل الفم وتنظيف الأسنان بعد السحور من المستحبات، وليست من الواجبات، وإنما الواجب هو عدم بلع ما يفسد الصوم.
ونقول أيضًا: إن بلع ما بين الأسنان لا يبطل الصوم إلا إذا كان كثيرًا يمكن التحرز منه، وتعمد الصائم بلعه، وانظري الفتوى رقم: 263878.
والسائلة الكريمة قد ذكرت أنها "تبالغ في تنظيف أسنانها بالفرشاة والخيط" ومن شبه المستحيل عادة أن يبقى بعد ذلك طعام يمكن التحرز منه.
وبالتالي؛ فلا داعي لكل ما ذكرت، ولا داعي للتحرز من بلع ريقها أو التدقيق فيه خشية أن يكون مشتملًا على شيء من بقايا الطعام أو مشتملًا على بقايا الجلود التي ذكرت أنها لا تراها ولا تحسها، فهذا من التنطع المذموم شرعًا، وقد جرها ذلك لأن تؤذي نفسها بالعض وغيره، فكل هذا تكلف غير محمود، ودين الله بعيد كل البعد من هذا التكلف، قال تعالى: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {الحج:78}.
وأما الريق المصحوب بالدم: فالأصل أنه لا يجوز بلعه مع إمكان طرحه، لكن لو كثر عليها، ودام بحيث يشق الاحتراز منه، فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، ولا يفسد به الصوم في قول كثير من أهل العلم، كما بيناه في الفتوى رقم: 77849.
ولا نعلم فرقا بين مجّ الماء في مضمضة الوضوء وبين مجّه لتنظيف الفم سوى أن مضمضة الوضوء -عند بعض الفقهاء- تحصل بأي إدارة للماء في الفم ولو من دون تحريك، وهذا قد لا يكون كافيًا في التنظيف.
والله أعلم.