الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دمت تكرهين تلك الوساوس التي يقذفها الشيطان في قلبك فلا تضرك البتة، ولا توجب لك كفرًا، ولا ردة أبدًا. بل إن كراهة وساوس الكفر، ونفور القلب منها -علامة على الإيمان؛ كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذاك صريح الإيمان. قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به، فضلًا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا، وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ.
وعلى المسلم إذا وجد مثل تلك الوساوس أن يعرض عنها، وأن يدفعها بالاستعاذة بالله عز وجل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله، ولينته". أخرجه البخاري ومسلم.
ومن سبل دفع الوسوسة قول "آمنت بالله"، كما جاء في الحديث: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئًا، فليقل: آمنت بالله. أخرجه مسلم.
ومن ذلك ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنهما- لما سأله رجل عن الوسوسة في الإيمان فقال له: «إذا وجدت في نفسك شيئًا فقل: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {الحديد:3}. أخرجه أبو داود.
وراجعي الفتوى رقم: 12400.
والله أعلم.