الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دمت قد صليت صلاة الاستخارة للدخول إلى كلية الهندسة، ثم بعد دخولك شعرت بالضيق والاكتئاب، ثم فُتح لك باب آخر للدراسة في كلية الطب؛ فهذا مؤشر على أن الخيرة في الانصراف عن كلية الهندسة، فإن من استخار الله في أمر ووجد الصوارف عنه بأي نوع من الأنواع دلّ على أن الله اختار له ألا يكون، ولا يعني تركه لما مضى فيه مع وجود الصوارف أنه غير راض بقضاء الله؛ فقد سئل الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله- في فتاوى نور على الدرب هذا السؤال: تقول السائلة: أريد الاستفسار عن صلاة الاستخارة، وعن كيفيتها، ووقت الدعاء الوارد في صلاة الاستخارة.
فأجاب -رحمه الله تعالى-: صلاة الاستخارة مسنونة إذا تردد الإنسان في الأمر؛ لأنه لا يعلم العاقبة، فيكل الأمر إلى الله عز وجل. وصفتها أن يصلى الإنسان ركعتين من غير الفريضة، فإذا سلم دعا بدعاء الاستخارة المعروف، ثم إذا قدر له أن يكون الشيء، فهذا دليل على أن الله تعالى اختار له أن يكون، وإذا صرف عنه بأي نوع من الصوارف دلّ على أن الله تعالى اختار له ألا يكون. وأما قول بعض الناس: "لا بد أن يرى الإنسان في الرؤيا أنه اختير له الإقدام أو الترك" فهذا لا أصل له، لكن بمجرد ما يستخير، ثم يهيأ له الفعل أو الترك، فإننا نعلم أن الله تعالى اختار له ما هو خير؛ لأنه قد سأل ربه أن يختار له ما هو خير. انتهى.
فنصيحتنا أن تستخير الله عز وجل في دخولك إلى كلية الطب، وأن تُقْدِم على ذلك بعد استشارة ذوي الخبرة والنظر الصحيح، فإن تيسرت لك الأسباب بعد ذلك كانت الخيرة لك في دخولها، ولا تعول على ما رأيته في منامك، فلا يترتب عليه شيء من أمر الاستخارة، كما مر من كلام الشيخ/ ابن عثيمين -رحمه الله-.
وراجع الفتوى رقم: 123457؛ فقد بيّنّا فيها أن الراجح فيما يعتمده العبد بعد الاستخارة أن يمضي في أمره، ولا يعتمد على ما ترتاح إليه نفسه أو ما يراه في منامه.
والله أعلم.