الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في أن للأبناء حقوقا على الآباء كما أن للآباء حقوقا على الأبناء، وسبق أن أوضحنا شيئا من هذه الحقوق في الفتوى رقم: 23307، ولم تذكري لنا الشيء الذي تفرق فيه هذه الأم بين أولادها، فإنها يجب عليها التسوية بينهم في العطية على الراجح من أقوال الفقهاء، وقد بيناه في الفتوى رقم: 231064، فإن فضلت بعضا منهم لغير موجب شرعي فقد أتت منكرا، ويستحب أن تعدل بينهم فيما سوى ذلك حتى الأمور العاطفية، قال ابن قدامة في المغني: ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية وكراهة التفضيل، قال إبراهيم: كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القُبَل. اهـ.
وعلى كل تقدير يجب على ولدها برها والإحسان إليها أحسنت إليه أم أساءت، وانظري الفتوى رقم: 299887، وقد أوضحنا فيها أنه لا حرج على الولد في الكره القلبي لبعض التصرفات الخاطئة للوالد، ولكن يجب أن يكون على حذر من أن يعقه ويسيء إليه بأدنى إساءة، وراجعي الفتوى رقم: 11649.
ووصيتنا لهذا الولد أن يصبر على أمه، ففي الصبر العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة، ونوصيه أيضا بالدعاء أن يصلح الله تعالى ما بينه وبين أمه، ويلهمها رشدها ويكسبه رضاها، وإذا اقتضى الأمر الاستعانة ببعض المقربين إليها فليفعل، ولا يكثر الأولاد من الجدال معها إن كان لا تترتب عليه مصلحة، ولا سيما إذا كانت لا تقبل الجدال كما ذكر.
وفي الختام ننبه إلى أن الغالب في الأم شفقتها على أولادها وعطفها عليهم وحرصها على مصلحة كل واحد منهم، ومن هنا ينبغي للولد أن يلتمس أسباب تغير أمه تجاهه، فقد يكون لتقصير منه أو عقوق أو فعل صدر منه أساءت فهمه، أو كلام نقل إليها خطأ فيعالج كل سبب بما يناسبه.
والله أعلم.