الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الخطأ معفو عنه في الشريعة، قال الله تعالى: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا {الأحزاب:5}، وقال عليه الصلاة والسلام: إنَّ الله تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ والنِّسيانَ، وما استُكْرِهُوا عليهِ. قال النووي: حديثٌ حسَنٌ رَواهُ ابنُ ماجهْ والبَيَهقيُّ وغيرهما.
وعليه، فإن حصل منك خطأ في تحديد جرعة الدواء الذي يفترض أن تعطى للمريض أو أخطأت في نوعية الدواء نفسه وأعطيته دواء غير الدواء الذي كتب له الطبيب أو ما شابه ذلك من الأخطاء، فلا إثم عليك ولا تعتبر غاشا بذلك، لكن يلزمك أن تبادر إلى تصحيح الخطأ بأي وسيلة ممكنة، ونظن أن ذلك ممكن من خلال الرجوع لملف المريض والاتصال به أو نحو ذلك من الوسائل الممكنة، ولو ترتب على خطئك ضرر على المريض، فإنك ضامن على كل حال لما نتج عن خطئك، لأن الخطأ وإن ارتفع به الاثم، فلا يرتفع به الضمان، وقد سبق لنا بيان أحوال ضمان الطبيب وما في معناه وذلك في الفتويين رقم: 5852، ورقم: 55184.
وأما بالنسبة للنقطة الثانية من سؤالك: فالمعروف أن الصيدلي ليست مسؤوليته تحديد الدواء المناسب، وإنما يعطي الدواء وفق ما كتبه الطبيب، وبالتالي، فالواجب عليك أن تعطي للمريض ما كتبه له الطبيب، ولا يجوز لك أن تخالف ذلك، وإذا لاحظت أنك أخطأت أي خطأ في هذا الأمر ـ مهما كانت بساطته ـ فلتبادر لتصحيحه ولا تتعلل بأن المريض قد لا يتفهم أو أن هذا الدواء يشبه ذاك، أو أنه لن يضر المريض، فالمسائل المتعلقة بصحة الناس وحياتهم خطيرة جدا، ولا يجوز التساهل فيها على أي وجه، كما أن مسؤوليتك ووظيفتك تقتضي منك أن تلتزم بما كلفت به من إعطاء الأدوية وفق الوصفة الواردة إليك فحسب.
والله أعلم.