الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولًا أنه لا يجوز الحلف بالطلاق؛ لما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت. كما لا يجوز للزوج أن يتلاعب بألفاظ الطلاق في جِدّه وهزله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث جِدّهن جِدّ وهزلهن جِدّ: النكاح والطلاق والرجعة. أخرجه أبو داود والترمذي، وحسنه الألباني.
وأما ما سألت عنه حول من فعل ما علق عليه الطلاق ناسيًا: فإنه يقع طلاقه عند جمهور العلماء، وذهب الشافعية إلى أن طلاقه لا يقع مع النسيان؛ قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في شرح الروض: لا يحنث ناسٍ ليمينه، وجاهلٍ بأن ما أتى به هو المحلوف عليه، ومكرهٍ عليه في يمين الله تعالى، وطلاق، وعتق؛ لخبر: رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. رواه ابن ماجه، وابن حبان، والدارقطني، والطبراني، والبيهقي، وحسنه النووي -رحمه الله تعالى-.
وجاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ الحالف إن فعل المحلوف عليه ناسيًا فلا حنث، إذا كانت اليمين بغير الطلاق، والعتاق، ... وذهب الشافعية في الأظهر إلى أنه إذا وجد القول، أو الفعل المحلوف عليه على وجه الإكراه، أو النسيان، أو الجهل؛ فلا يحنث سواء أكانت اليمين بالله، أم بالطلاق؛ لخبر: (تجاوز الله عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه) ... وذهب الحنفية إلى أنه يحنث بالمخالفة مع النسيان ولو مع الإكراه، أو الإغماء، أو الجنون، ونحوها. وذهب المالكية إلى أنه يحنث بالمخالفة مع النسيان ... انتهى مختصرًا.
وعلى قول الشافعية؛ فلا يقع الطلاق خلافًا لقول الجمهور والأخذ به أحوط.
والله أعلم.