الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأولى الحفاظ على كتابة القرآن بالرسم العثماني، ومع ذلك فلا مانع من كتابة الصفحات بغير رسم المصحف، وإنما المحظور كتابة مصحف كامل بغير الرسم العثماني، جاء في شعب الإيمان: قال البيهقي رضي الله عنه: من كتب مصحفا فينبغي له أن يحافظ على الهجاء التي كتبوا بها تلك المصاحف ولا يخالفهم فيها ولا يغير مما كتبوه شيئا، فإنهم كانوا أكثر علما وأصدق قلبا ولسانا وأعظم أمانة منا، فلا ينبغي لنا أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم ولا سقطا لهم. انتهى.
وقد نص على ذلك الشيخ: مساعد الطيار، قال كما في مقالات في علوم القرآن وأصول التفسير:... ولا يجوز خلافه فيما لو أريد كتابة مصحف كامل. انتهى.
فلا حرج عليك أن تكتب ما تحتاجه، فهو كاقتباس آية أو آيات في كتب العلم، ولم يزل الناس يكتبون الآيات في كتبهم على غير رسم مصحف عثمان من غير نكير من أهل العلم، ولم يزل صبيان الكتاتيب يكتب لهم في ألواحهم ـ ولم يشترط عليهم الرسم ـ قال ابن خلدون في المقدمة: وأما أهل المشرق فيخلطون في التعليم كذلك على ما يبلغنا، ولا أدري بم عنايتهم منها... وإذا كتبوا لهم الألواح فبخط قاصر عن الإجادة، ومن أراد تعلم الخط فعلى قدر ما يسنح له بعد ذلك من الهمة في طلبه، ويبتغيه من أهل صنعته... انتهى.
على أن من أهل العلم من أجاز للحاجة الكتابة على غير الرسم العثماني، قال الأستاذ حازم حيدر في المدخل:... القول الرابع: من يذهب إلى التفصيل، فحيث دعت الضرورة إلى تيسير كتابة المصاحف بالرسم المعتاد كتب، وإلا يحافظ على ما أحكمه العلماء من قواعد كتابته ولا يعدل عنها، وهو قول الزركشي، وتبعه الشيخ طاهر الجزائري، والشيخ الزرقاني والدكتور أبو شهبة، والدكتور محمد لطفي الصباغ... انتهى.
وأما مس الأوراق المكتوب فيها آيات قرآنية بلا طهارة: فهو كمس أجزاء القرآن، وفي مسها خلاف، وقد رجحنا الجواز لمن احتاج لذلك في الفتوى رقم: 60065.
والأولى الاحتياط والطهارة خروجا من الخلاف، قال ابن مفلح في المبدع: وحكم البعض كالكل، فلو كتب بعضه منفردا لم يجز مسه، وإن لم يسم مصحفا، نعم، في مس الصبيان ألواحهم، وفي رواية ذكرها القاضي، ومس الدراهم المكتوب عليها القرآن، وثوب طرز به، روايتان، أظهرهما: الجواز، لمسيس الحاجة إليه. انتهى.
والله أعلم.