الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على إخلاصك في عملك وإتقانك له، وهكذا يكون المؤمن الذي يتقي ربه ويحفظ دينه، وقد قال صلى الله عليه وسلم : إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه. أخرجه أبو يعلى والطبراني، وقد صححه الألباني في الصحيحة، فاحرص على ما يحبه الله ويرضى بسببه، ولا تبال بسخط المخلوق إذا طلب منك ما لا يرضي الله تعالى، وأراد منك غشا أو تدليسا ولن يضيعك الله، ففي سنن الترمذي عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس.
واعلم أن تقوى الله خير زاد، وقد ضمن الله الرزق لمن يتقيه، قال الله تعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق:2-3}، .
وأما ما ذكرته عن أصحاب العمل من تهديدك بالخصم من راتبك مع التزامك بوقت العمل المتفق عليه وعدم إخلالك به أو تقصيرك فيه فلا يجوز لهم، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ {المائدة:1}، وفي الحديث: المسلمون على شروطهم. رواه أبو داود والترمذي.
والعقد على المدة يقتضي وجوب الأجرة ولو لم ينته العامل من العمل فيها، والعقد على العمل يقتضي وجوب الأجرة بالعمل أو بإنجاز العمل دون اعتبار الوقت وفي اشتراطهما معا وتقدير الأجرة بهما جهالة في عقد الإجارة ولا يصح ذلك، جاء في كشاف القناع: ولا يصح الجمع بين المدة والعمل كقوله استأجرتك لتخيط لي هذا الثوب في يوم لأن الجمع بينهما يزيد الإجارة غررا لا حاجة إليه. اهــ
والعقد معك كما ذكرت إنما هو على الوقت لا على العمل وبالتالي فليس لهم محاسبتك على عدد الأجهزة إذا لم يتسع وقت الدوام للفراغ منها، وعقد الإجارة من العقود اللازمة، فإذا تم التعاقد على مدة معلومة لم يجز للطرفين فسخ العقد إلا بالتراضي، وقد اختلف الفقهاء في فسخ الإجارة للعذر، وقد بينا أقوالهم بالفتوى رقم: 46107 .
نسأل الله أن يعينك، وأن يؤتيك من لدنه رحمة، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.
والله أعلم.