الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجماهير أهل العلم على بطلان زواج المرأة دون ولي، وهذا هو المفتى به عندنا، وانظري الفتوى رقم: 113935.
وعليه؛ فالمفتى به عندنا أنّ نكاح هذه المرأة باطل، لكن لا تتزوج حتى يطلقها الزوج، أو يفسخ الحاكم نكاحها منه، قال الرحيباني في مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فِي عَقْدِ الْمُتْعَةِ، وَفِيمَا حَكَمْنَا بِهِ أَنَّهُ كَمُتْعَةٍ، كَالتَّزْوِيجِ بِلَا وَلِيٍّ وَلَا شُهُودٍ؛ وَجَبَ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يُطَلِّقَ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ، فَسَخَ الْحَاكِمُ النِّكَاحَ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ.
وطلاقها منه طلاق بائن، لا رجعة فيه، قال المرداوي: ويقع الطلاق في النكاح المختلف فيه كالنكاح بلا ولي عند أصحابنا... فائدتان: إحداهما: حيث قلنا بالوقوع فيه، فإنه يكون طلاقا بائنا. انتهى من الإنصاف باختصار.
ولا تملك المرأة تطليق نفسها بناء على قول زوجها: "أنت في حل من هذا الزوج وقتما تشائين" إلا إذا كان الزوج قد نوى بتلك العبارة تفويضها في تطليق نفسها؛ لأنها ليست صريحة في التفويض، فتحتاج إلى نية، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذهب جمهور الفقهاء إلى تقسيم ألفاظ التفويض في الطلاق إلى صريح، وكناية، فالصريح عندهم ما كان بلفظ الطلاق، كطلقي نفسك إن شئت، والكناية ما كان بغيره، كاختاري نفسك، وأمرك بيدك. وراجع الفتوى رقم: 258646.
فإذا لم يطلقها الرجل، ولم تقدر على الفسخ عند الحاكم، فالمخرج لها أن تعمل بقول من يرى أن النكاح الفاسد لا يحتاج إلى طلاق، أو فسخ لإبطاله، وهو قول الشافعي ـ رحمه الله ـ قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ: وَإِذَا تَزَوَّجَتْ الْمَرْأَةُ تَزْوِيجًا فَاسِدًا، لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا لِغَيْرِ مَنْ تَزَوَّجَهَا حَتَّى يُطَلِّقَهَا، أَوْ يَفْسَخَ نِكَاحَهَا، وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ طَلَاقِهَا، فَسَخَ الْحَاكِمُ نِكَاحَهُ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا حَاجَةَ إلَى فَسْخٍ، وَلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ نِكَاحٌ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ، أَشْبَهَ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ. المغني لابن قدامة.
والله أعلم.