الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا ريب في تحريم التحريض على المعصية وتزيينها والإعانة عليها، وأنّ فاعل ذلك آثم يحمل إثمه وإثم من أضلهم من غير أن ينقص من آثامهم، ويدخل في ذلك من يخدع الفتيات ويغرّر بهن حتى يوقعهن في المعصية، إضافة إلى إثم الجريمة العظيمة (الزنا)، لكنّ ذلك لا يعني أنّك ضحية مظلومة معفاة من التبعة بريئة من الإثم، بل أنت ظالمة لنفسك واقعة في الحرام طوعاً، رضيت لنفسك أن تكوني ألعوبة لمن يعبث بك بحجة أنّه وعدك بالزواج، وكأنّ الوعد بالزواج يبيح للمرأة أن تسلم نفسها لمن وعدها فيفعل بها الحرام!! فلا تلومي إلا نفسك ولا تنشغلي إلا بذنبك، ولا يخدعنك الشيطان ويشغلك بحكم ما فعله الشاب أو جزائه عليه، ـ مع أنه بالقطع آثم فاجر ينتظر جزاءه من الله ـ ولكن اشغلي نفسك بتحقيق التوبة إلى الله عز وجل، والوقوف عند حدود الله تعالى، والندم على ما اقترفت معه فليس هو بالأمر اليسير، وانظري في ذلك الفتوى رقم: 32540.
والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس وعدم المجاهرة بالذنب، فاقطعي علاقتك بهذا الشاب ولا تتهاوني في التعامل معه.
وكنا نود أن نلتزم وصيتك في الرفق بك ـ ونحن نعلم قدر ألمك ـ لكن رأينا من الأمانة أن نرشدك، وأن نبعد عنك حيلة الشيطان في الانشغال بمصير هذا الشخص، والغفلة عن تقصير نفسك في حق الله.
وقد بينا بالفتوى رقم: 307672، وتوابعها حكم ما سألت عنه.
وأما تنبيه هذه البنت؛ فإن لم تستنصحك فلا يلزمك نصحها؛ قال المناوي في فيض القدير: (وإذا استنصحك فانصح له) غير وان في الفكرة ولا مقصر في الإرشاد؛ بل ابذل الجهد، لكن ينبغي أن لا يشير قبل أن يستشار. انتهى. ونحوه ذكر الصنعاني في التنوير.
وأما إن استنصحتك؛ فيلزمك النصح؛ فإن كان هذا الرجل قد تاب من ذلك، واستقام، فلا يجوز الإخبار بذلك، وإلا فلتنبهيها؛ ثم إن هذا التنبيه ينبغي أن يقتصر على ما يصرفها عنه؛ كأن تقولي: إنه لا يصلح، ونحو ذلك، وانظري الفتوى رقم: 70985. وأما خوفك منه، فيمكنك تلافيه عن طريق إرسال ورقة أو رسالة لها دون أن تعلم أنك أنت صاحبة الرسالة.
والله أعلم.