الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن الاستخارة تكون عند الهم بالأمر، بمعنى أنه إذا تقدم لك الخاطب، شرع لك الاستخارة فيه، ودليل ذلك ما جاء في دعاء الاستخارة من قوله صلى الله عليه وسلم: إذا هم أحدكم بالأمر. رواه البخاري عن ابن مسعود -رضي الله عنه-.
وإذا علمت، أو غلب على الظن أنه أعرض عن الخطبة، فلا تشرع الاستخارة فيه.
جاء في عون المعبود: إذا هم: يشير إلى أنه أول ما يرد على القلب، فيستخير فيظهر له ببركة الصلاة، والدعاء ما هو الخير، بخلاف ما إذا تمكن الأمر عنده، وقويت عزيمته فيه؛ فإنه يصير إليه ميل وحب، فيخشى أن يخفى عليه وجه الأرشدية لغلبة ميله إليه، قال: ويحتمل أن يكون المراد بالهم العزيمة؛ لأن الخواطر لا تثبت، فلا يستخير إلا على ما يقصد التصميم على فعله، وإلا لو استخار في كل خاطر لاستخار فيما لا يعبأ به، فتضيع عليه أوقاته. اهـ.
ولا حرج في الدعاء بأن ييسر لك الزواج ممن ترغبين في أن يكون لك زوجاً، ولو كان قد أعرض، ولكن تحري صاحب الدين والخلق، فقد جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه؛ فزوجوه. إلا تفعلوا، تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض. ولمعرفة حكم الاستخارة لأمور متعددة، وكيفيتها، راجعي الفتوى رقم: 201916
ونوصيك بتفويض أمرك إلى الله تعالى في حال الاستخارة، أو مجرد الدعاء، فهو الأعلم بعواقب الأمور، ولا تجعلي قلبك عرضة للتفكير والقلق والحسرات، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وننبهك إلى أنه لا حرج على المرأة شرعا في أن تعرض نفسها على الخطاب، إذا التزمت في ذلك بالأدب الشرعي، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18430.
والله أعلم.