الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فيبدو أن الأمر في هذه المسألة شائك ومعقد حقيقة، ويحتاج إلى استفصال الزوجين فيما حدث، وما إن كان الطلاق الأول واقعا أم لا، فننصح بمراجعة أحد المراكز الإسلامية ليشرحوا له الأمر بالتفصيل حتى يتمكن من يفتيهم من حقيقة ما جرى، وعلى وجه العموم يمكننا أن نذكر هنا ما يلي:
أولا: الطلاق الذي توقعه المحاكم الوضعية لا يكون نافذا شرعا، كما أفتى بذلك مجمع فقهاء الشريعة في أمريكا، وأوردنا نص فتواه في هذا الموضوع في الفتوى رقم: 176359.
فإذا لم يتلفظ الزوج بطلاق زوجته، ولم يكتبه ناويا بذلك إيقاع الطلاق، لم يقع طلاقه، وانظري الفتوى رقم: 53312.
ثانيا: التوقيع على ورقة الطلاق قد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يقع به الطلاق، كما أفتى بذلك الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ، حيث قال: لا شك أن هذا الإمضاء ليس من صيغ الطلاق مطلقًا، فضلًا عن القول بصراحته، كما أنه ليس من كنايات الطلاق في شيء، وليس من قبيل الكتابة، إذ الزوج لم يكتب طلاق زوجته حتى يؤخذ بالكتابة، وغاية ما في الأمر أنه كتب اسمه تحت كتابة وإنشاء غيره، فإذا لم يتلفظ بشيء مما كتب في الورقة المذكورة، وإنما كتب اسمه فقط في ذيلها، فلا يظهر لنا وقوع الطلاق منه بإمضائه هذه الورقة. اهـ.
ثالثا: لا يجوز لهذه المرأة أن تتزوج بآخر إلا بعد مفارقة زوجها ـ بطلاق, أو فسخ ـ وانقضاء عدتها منه, وإذا تزوجت قبل ذلك كان زواجًا باطلًا بلا خلاف, والمعاشرة فيه زنا ـ والعياذ بالله ـ قال ابن قدامة رحمه الله: فأما الأنكحة الباطلة، كنكاح المرأة المتزوجة أو المعتدة، أو شبهه، فإذا علما الحل والتحريم، فهما زانيان، وعليهما الحد، ولا يلحق النسب فيه. اهـ
رابعا: على ولي هذه المرأة الحزم معها، والأخذ على يديها، ولا يترك لها الحبل على الغارب، فتعاشر من لا يحل لها معاشرته، وتترك من يحل لها معاشرته، فهذا من اتباع الهوى، والله عز وجل يقول: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ {القصص:50}.
والله أعلم.