الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد بينا ما تحصل به الرجعة في الفتوى رقم: 30719.
وإذا كنت قد أرجعت هذه المرأة إلى عصمتك في زمن العدة -كما ذكرت- فهي زوجتك شرعًا، سواء رضيت أم كرهت؛ لقول الحق سبحانه: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ {البقرة: 228}، قال العلامة القرطبي: أجمع العلماء على أن الحر إذا طلق زوجته الحرة، وكانت مدخولًا بها تطليقة أو تطليقتين، أنه أحق برجعتها ما لم تنقض عدتها؛ وإن كرهت المرأة. اهـ.
وأما صدور وثيقة بذلك من المحكمة، فهي للتوثيق المحض.
وعليه؛ فالمرأة في عصمتك، ورفضها أن تطيعك نشوز محرم؛ فانصحها بأن تتقي الله، وتعود إلى رشدها؛ فذلك خير لها في دينها، وأجمع لشمل ولدها، وعلى أهلها أن ينصحوها بذلك، ولا بأس أن توسط من تراه وجيهًا عندها، وعند أهلها حتى تنحل المشكلة، فإن أفاد هذا، فلا إشكال، وإن لم يفد، فلك أن ترفع الأمر إلى القاضي؛ لإلزامها بالرجوع إلى طاعتك، أو بحلٍّ مُرضيٍّ آخر.
وأما ما أعطيتها إياه: فالذي يظهر -والله أعلم- أنه لا يحل لها، وأن لك الرجوع عليها به؛ لأنها هبة من أجل غرض معين لم يتحقق، قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وقال في الإنصاف أيضًا: ظاهر كلام الإمام أحمد في رواية أبي الحارث، صحة دفع كل واحد من الزوجين إلى الآخر مالًا على أن لا يتزوج. ومن لم يف بالشرط، لم يستحق العوض؛ لأنها هبة مشروطة بشرط، فتنتفي بانتفائه. اهـ.
والأولى في مسائل المنازعات، الرجوع إلى القضاء الشرعي، فهو الفيصل في ذلك.
والله أعلم.