الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن المواظبة على أداء صلاة الجماعة في المسجد، لها فضل عظيم، وفيها خير كثير.
وقد وردت نصوص الوحي من القرآن والسنة في فضل ذلك، والترغيب فيه، وخاصة صلاة الفجر التي ورد المزيد من الترغيب فيها، والترهيب من التخلف عنها؛ وذلك لما لهذه الصلاة من الأهمية، وما لأدائها في المسجد مع الجماعة من الفضل؛ فقد قال الله تعالى: أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً [الإسراء:78].
قال المفسرون: هذه الآية أشارت إلى أوقات الصلوات الخمس، ونبهت لمزيد من الإشارة إلى فضل صلاة الفجر خاصة؛ ولهذا ذهب أهل المدينة إلى أن صلاة الفجر هي الصلاة الوسطى، التي جاء التنويه بها، والتنبيه عليها في سورة البقرة.
وفي الموطأ عن عثمان -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى العشاء في جماعة، فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الصبح في جماعة، فكأنما قام الليل كله. وقال صلى الله عليه وسلم: من صلى الصبح في جماعة، فهو في ذمة الله تعالى. رواه ابن ماجه، وغيره.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أثقل صلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلًا فيصلي بالناس، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم من حطب، إلى قوم لا يشهدون الصلاة، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار.
وقال ابن عمر -رضي الله عنهما-: كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر، والعشاء، أسأنا به الظن.
فما دمت تواظب على أداء الصلوات في المسجد مع الجماعة، فهو أمر حسن، لكن عليك أن تحافظ على الجماعة في صلاة الفجر كذلك، ولا تحرم نفسك من هذا الخير الكثير، والثواب الجزيل.
أما عن القبول: فإن المسلم مطالب بأداء صلاته على الوجه الصحيح، فإن فعل ذلك صحت صلاته، وبرئت ذمته منها، والقبول أمره عند الله سبحانه وتعالى، ولا يمكن لأحد أن يطلع عليه، لكن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملًا.
والله أعلم.