الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقول الأب للشاب: وهبتك ابنتي، من غير ذكر المهر، ولا حضور الشاهدين، لا ينعقد به النكاح، فالجمهور يشترطون لصحة النكاح الإشهاد، والشافعية والحنابلة لا يصحّحون عقد الزواج إلا بلفظ التزويج، أو الإنكاح، والمالكية يشترطون لصحة التزويج بلفظ الهبة ذكر المهر، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا ينعقد بغير لفظ الإنكاح، والتزويج. وبهذا قال سعيد بن المسيب، وعطاء، والزهري، وربيعة، والشافعي.
وقال الثوري، والحسن بن صالح، وأبو حنيفة، وأصحابه، وأبو ثور، وأبو عبيد، وداود: ينعقد بلفظ الهبة، والصدقة، والبيع، والتمليك. وفي لفظ الإجارة عن أبي حنيفة روايتان. وقال مالك: ينعقد بذلك إذا ذكر المهر.
وعليه؛ فما حصل من الأب ليس عقدًا، ولكنّه وعد غير ملزم، فيجوز للأب تزويج ابنته من غير هذا الشاب.
لكن إذا كان الشاب كفؤًا للبنت، وكانت راغبة فيه، فليس من حقّ الأب منعها من زواجه، وإلا كان عاضلًا لها، ويجوز لها في هذه الحال رفع أمرها للقاضي الشرعي؛ ليزوجها، أو يأمر وليها بتزويجها، وراجع الفتوى رقم: 32427.
لكنّ الولي –وخاصة الأب- يكون حريصًا في الغالب على اختيار الزوج الصالح لموليته، وتحصيل مصالحها في الزواج؛ لما له من الخبرة، والدراية، مع ما فطره الله عليه من الشفقة عليها.
والذي ننصح به الأب ألا يمنع ابنته من زواج هذا الشاب لغير مسوّغ، وننصح البنت بالتفاهم مع أبيها، وتوسيط من له وجاهة عنده ليقنعه بتزويجها منه، فإن أبى الوالد، فالأولى لها أن تنصرف عن هذا الشاب، ما لم يكن عليها ضرر في ترك الزواج منه، ولعلّ الله يعوضها خيرًا منه.
والله أعلم.