الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن السر الذي يأمر المُخبِر بكتمانه، يُمنع إفشاؤه، جاء في غذاء الألباب: ويحرم على كل مكلف (إفشاء) أي نشر وإذاعة سر، وهو ما يكتم. ولعله يحرم حيث أمر بكتمه، أو دلته قرينة على كتمانه، أو ما كان يكتم عادة.
أخرج أبو داود عن جابر -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المجالس بالأمانة، إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو اقتطاع مال بغير حق. وأخرج عنه -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا حدث رجل رجلًا بحديث ثم التفت، فهو أمانة. ورواه الترمذي، وقال: حديث حسن. وأخرج الإمام أحمد عن أبي الدرداء: من سمع من رجل حديثًا لا يشتهي أن يذكر عنه، فهو أمانة، وإن لم يستكتمه. وأخرج عن أنس -رضي الله عنه-: ما خطب نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال: لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له.
قال في الفروع: حرم في أسباب الهداية، إفشاء السر. وفي الرعاية: يحرم إفشاء السر المضر. انتهى. وفي التنزيل: وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسئولا [الإسراء: 34] .اهـ. باختصار.
وأما الكفارة: فلا تجب كفارة مخصوصة لإفشاء السر، وإنما حيث كان إفشاء السر محرمًا، فتجب التوبة إلى الله عز وجل من هذه المعصية.
وانظري الفتوى رقم: 170071.
والله أعلم.