الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن إنكار الإجماع بعد حصوله فعلًا في العصور المتأخرة يعد فسقًا إذا ثبت للمنكر حصوله، فقد عد أهل العلم مخالفه مرتكبًا كبيرة؛ لقوله جل ذكره: وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً {النساء: 115}، ولقوله صلى الله عليه وسلم: من فارق الجماعة قيد شبر، فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه. رواه أحمد.
قال ابن حزم -رحمه الله-: ومن خالفه ـ أي الإجماع ـ بعد علمه به، أو قيام الحجة عليه بذلك فقد استحق الوعيد المذكور في الآية. اهـ.
وقال القاضي أبو يعلى -رحمه الله-: الإجماع حجة مقطوع عليها، يجب المصير إليها، وتحرم مخالفته، ولا يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ. اهـ.
وفي حاشية العطار على شرح المحلي لجمع الجوامع: قوله: وخرقه حرام ـ أي من الكبائر للتوعد عليه في الآية, ثم ظاهره شمول القطعيK والظني، مع أن الظنيات تجوز مخالفتها لدليل، فإما أن يبقى كلامه على عمومه ويراد أن خرقه لغير دليل حرام، أو يخص بالقطعي، أي وخرق القطعي منه حرام. اهـ.
وقال الزركشي في البحر المحيط: وأما منكر إجماع من بعدهم ـ أي الصحابة ـ بلا سبق خلاف، فيضلل، ويخطأ من غير إكفار... اهـ.
والله أعلم.