الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كنت قصدت بيمينك منع زوجك من إعطاء مالها لأحد مطلقاً دون إذنك، فأعطت أخاها مالاً دون إذنك، فقد وقع طلاقها، إلا إذا كان أخوها أكرهها إكراهاً حقيقياً، فلا يقع طلاقك في هذه الحال، والإكراه المعتبر يكون عند الخوف من القتل، أو الضرب، ونحو ذلك.
قال المرداوي -رحمه الله-: يُشْتَرَطُ لِلْإِكْرَاهِ شُرُوطٌ:
أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ الْمُكْرِهُ، بِكَسْرِ الرَّاء، قَادِرًا بِسُلْطَانٍ، أَوْ تَغَلُّبٍ، كَاللِّصِّ وَنَحْوِهِ.
الثَّانِي: أَنْ يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ نُزُولُ الْوَعِيدِ بِهِ، إنْ لَمْ يُجِبْهُ إلَى مَا طَلَبَهُ، مَعَ عَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ، وَهَرَبِهِ، وَاخْتِفَائِهِ.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مَا يَسْتَضِرُّ بِهِ ضَرَرًا كَثِيرًا، كَالْقَتْلِ، وَالضَّرْبِ الشَّدِيدِ، وَالْحَبْسِ، وَالْقَيْدِ الطَّوِيلَيْنِ، وَأَخْذِ الْمَالِ الْكَثِيرِ.
والظاهر من السؤال -والله أعلم- أنّ أخاها لم يكرهها إكراهاً معتبراً، وعليه فقد وقع طلاقها، وانحلت اليمين، فلا شيء عليك إذا تصرفت زوجتك بعد ذلك في مالها دون إذنك، وإذا كان هذا الطلاق غير مكمل للثلاث، فلك مراجعتها قبل انقضاء عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا، في الفتوى رقم: 54195
أمّا إذا كنت قصدت منع امرأتك من إعطاء مالها لأحد على سبيل الهبة والتبرع، دون إعطائه على سبيل التوكيل لقضاء الدين ونحوه، وكانت زوجتك أعطت أخاها مالاً ليقضي لها دينها، ففي هذه الحال لم يقع طلاقك؛ لأنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق، وانظر الفتوى رقم:35891.
وما دام في المسألة تفصيل، فالذي ننصح به أن تعرض المسألة على من تمكنك مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم، وورعهم.
وننبهك إلى أنّه لا يحقّ لك منع امرأتك من التصرف في مالها بالهبة لأهلها، أو غير ذلك من أوجه التصرف المباحة، فالمرأة الرشيدة لها حقّ التصرف في مالها، دون إذن زوجها، كما بيناه في الفتوى رقم: 94840.
والله أعلم.