الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 64879، أن الأولى عدم جعل اسم الجلالة خلفية لشاشة الجهاز النقال، لأن الجوال ربما يدخل به صاحبه محل قضاء الحاجة، والأصل هو البعد عن إدخال ما فيه اسم الله عن الدخول به في محل قضاء الحاجة؛ لما في ذلك من تعظيم شعائر الله.
وعبارة الأولى تفيد جواز غيره، ولكنه لابد من تعظيم وتوقير اسم الله تعالى، وعدم دخول الحمام به إلا إذا كان مستورا أو كان الجوال مغلقا، فقد قال صاحب البحر الرائق وهو حنفي: ويكره أن يدخل الخلاء ومعه خاتم مكتوب عليه اسم الله تعالى أو شيء من القرآن. اهـ.
وقال العدوي المالكي في حاشيته على شرح مختصر خليل للخرشي: ويكره الدخول في محل الخلاء بشيء فيه قرآن أو ذكر غير مستور، ما لم تدع إلى ذلك ضرورة. اهـ.
وقال في أسنى المطالب وهو شافعي: ويكره عند قضاء الحاجة حمل مكتوب قرآن واسم لله تعالى واسم لنبي وكل معظم. اهـ.
وقال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ في المغني: إذا أراد دخول الخلاء ومعه شيء فيه ذكر الله تعالى استحب وضعه... فإن احتفظ بما معه مما فيه ذكر الله تعالى، واحترز عليه من السقوط، أو أدار فص الخاتم إلى باطن كفه، فلا بأس، قال أحمد: الخاتم إذا كان فيه اسم الله يجعله في باطن كفه، ويدخل الخلاء، وقال عكرمة: اقلبه هكذا في باطن كفك فاقبض عليه، وبه قال إسحاق، ورخص فيه ابن المسيب والحسن وابن سيرين، وقال أحمد في الرجل يدخل الخلاء ومعه الدراهم: أرجو أن لا يكون به بأس. انتهى.
وقال المرداوي في الإنصاف وهو حنبلي: ثم رأيت ابن رجب ذكر في كتاب الخواتم: أن أحمد نص على كراهة ذلك في رواية إسحاق بن هانئ، فقال في الدرهم: إذا كان فيه اسم الله أو مكتوبًا عليه: قل هو الله أحد ـ يُكره أن يدخل اسم الله الخلاء. اهـ.
ولا يضر كون الأيقونات فوق اسم الجلالة إن لم يكن في ذلك امتهان، فان ذلك مثل وضع كتاب فوق كتاب يشتمل عنوانه على اسم الجلالة، فالأصل في كل ذلك الجواز.
وأما المقالات والكروت: فلا نرى جعل اسم الجلالة خلفية لها، لأنها يخشى أن لا يحافظ عليها من يستلمها من الناس وربما تلقى في مكان غير لائق، وإن تؤكد من سلامتها من ذلك كأن توضع في مقالات تعلق بالمسجد ويحافظ عليه من الامتهان فلا حرج.
والله أعلم.