الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد صرحت في سؤالك بأنك مصاب بوسواس قهري منذ زمن، ومن كان في مثل حالك، لا يقع طلاقه، كما بين ذلك الفقهاء.
قال ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق: وعن الليث لا يجوز {أي لا يمضي} طلاق الموسوس، يعني المغلوب في عقله، عن الحاكم: هو المصاب في عقله إذا تكلم، تكلم بغير نظام. اهـ.
وقال المواق المالكي في كتابه التاج والإكليل: سمع عيسى في رجل توسوسه نفسه فيقول: قد طلقت امرأتي، أو يتكلم بالطلاق وهو لا يريده، أو يشككه، فقال: يُضرِب عن ذلك، يقول للخبيث صدقت، ولا شيء عليه.
ابن رشد: هذا مثل ما في المدونة، أن الموسوس لا يلزمه طلاق، وهو مما لا طلاق فيه، لأن ذلك إنما هو من الشيطان، فينبغي أن يلهى عنه، ولا يلتفت إليه. اهـ.
وقال الإمام الشافعي في كتاب الأم: ... ومن غلب على عقله بفطرة خلقة، أو حادث علة، لم يكن لاجتلابها على نفسه بمعصية، لم يلزمه الطلاق، ولا الصلاة، ولا الحدود، وذلك مثل المعتوه، والمجنون، والموسوس، والمبرسم، وكل ذي مرض يغلب على عقله ما كان مغلوباً على عقله. اهـ.
فزوجتك لا تزال في عصمتك، وإذا أردت السلامة، فأعرض عن هذه الوساوس ولا تلتفت إليها، ولا تسأل أحدا عن حالات الطلاق هذه، فإن إجابتك عنها حسب كل حالة لن يزيدك إلا اضطرابا وحيرة.
واجتهد في سبيل معالجة نفسك من هذه الوساوس بالسبل المشروعة، وذكرنا بعضها في الفتوى رقم: 3086. ولا بأس بأن تراجع طبيبا نفسيا ثقة، وخبيرا عسى أن يصف لك بعض العلاج، والعقاقير التي قد تعين في تخفيف آثار هذه الوساوس.
نسأل الله لك العافية، والسلامة من كل بلاء.
والله أعلم.