الإجابــة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فاعلم أن المرتب الذي ذكرت يمكن أن ينظر إليه من ثلاثة تقديرات:
التقدير الأول: أن يكون من مؤسسة خصوصية، ومسؤول العمل هو المالك لهذه المؤسسة، وفي هذه الحالة فإن ما ينزل في حسابك كل شهر حلال لك لأنه هبة من مالكه إليك، ولا خلاف بين العلماء في صحة الهبة إن كانت من بالغ عاقل رشيد غير مجبور عليها، فسواء أنفقته على نفسك أو تبرعت به لجهة عامة من مدارس ومساجد، أو تصدقت به على الفقراء أو أعطيته غيرك، فليس في ذلك من بأس، لأنه بعض مالك، ولك أن تفعل به ما تشاء...
الثاني: أن يكون من مؤسسة خصوصية، والذي يجريه إليك ليس هو المالك لهذه المؤسسة، وإنما هو شخص ينظم إدارتها فقط،وفي هذه الحالة يلزمك أن ترجعه إلى المؤسسة المالكة لتفعل به ما تشاء.
عن
أبي جمرة الرقاشي عن عمه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ألا لا تظلموا، إنه لا يحل مال امرئ إلا بطيب نفس منه. رواه
احمد والبيهقي.
الثالث: أن يكون من إحدى مؤسسات الدولة، فهذا الراتب لا يحل لك ما لم تقم بالواجب الذي تستحقه بموجبه، انظر الفتوى رقم:
17077.
ثم إن مال الدولة ليس كالمال الخصوصي، إذ لا مالك له معين، فجميع أفراد الدولة يشتركون في استحقاقه، وعليه، يمكن إرجاعه إلى بيت مال الدولة إذا كان القائمون عليه يعدلون فيه، وإلا لم يجز إرجاعه إليهم، بل يصرفه في مصالح المسلمين العامة، كالقناطر والمساجد ومصالح الطريق ونحو ذلك مما يشترك المسلمون فيه، وإلا فتصدق به على فقير أو فقراء، وينبغي أن يتولى ذلك القاضي إن كان عفيفا، فإن لم يكن عفيفا لم يجز التسليم إليه، فإن سلمه إليه صار المسلِّم ضامنا، بل ينبغي أن يحكم رجلا من أهل البلد ديِّناً عالما فإن التحكيم أولى من الانفراد، فإن عجز عن ذلك تولاه بنفسه، فإن المقصود هو الصرف إلى هذه الجهة..
والله أعلم.