الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك تمثيل أفعال الصلاة استرسالا مع الوساوس، جاء في فتح الباري لابن رجب في توجيه قول مَالِك بْن الحُوَيْرِثِ: إِنِّي لَأُصَلِّي بِكُمْ وَمَا أُرِيدُ الصَّلاَةَ ـ يقول ابن رجب: ولا يصح حمل كلامه عَلَى ظاهره، وأنه لَمْ ينو الصلاة بالكلية، بل كَانَ يقوم ويقعد ويركع ويسجد، وَهُوَ لا يريد الصلاة، فإن هَذَا لا يجوز، وإنما يجوز مثل ذَلِكَ فِي الحج، يجوز أن يكون الَّذِي يقف بالناس ويدفع بهم غير محرم، ولا مريداً للحج بالكلية، لكنه يكره، قَالَ أصحابنا وغيرهم من الفقهاء فِي الأحكام السلطانية: لأن الوقوف والدفع يجوز للمحرم وغيره، بخلاف القيام والركوع والسجود، فإنه لا يجوز إلا فِي الصلاة بشروطها. انتهى.
وعليك أن تجاهد هذه الوساوس وألا تسترسل معها، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم، ولا أدل على ذلك مما أوقعك فيه الوسواس من تأخير الصلاة وإخراجها عن وقتها وتعريضك نفسك للعقوبة العظيمة والوعيد الشديد، وتارك الصلاة ومخرجها عن وقتها وإن لم يكن كافرا في مذهب الجمهور إلا أنه مرتكب لذنب عظيم وجرم جسيم، وانظر الفتوى رقم: 130853.
فعليك أن تقلع عن هذا الفعل وأن تصلي في أي مكان لا تعلم نجاسته، وإذا شككت في نجاسة موضع معين فالأصل طهارته، فلا تلتفت إلى هذا الشك، وسائر أسئلتك التي طرحتها في هذا السؤال وغيره ناشئة عن الوسوسة الشديدة التي أصابتك والتي لا علاج لها سوى تجاهلها والإعراض عنها، واستمرارك على تمثيل أفعال الصلاة لا يعد كفرا ولكنه خطأ عظيم واسترسال منك مع الوساوس المهلكة، ولا تجب نية القضاء إذا صليت صلاة قضاء، ولكن ليس لك أن تتعمد إخراج الصلاة عن وقتها بغير عذر، فاتق الله وتجاهل هذه الوساوس واطرحها عنك حتى يعافيك الله تعالى منها، نسأل الله لك الشفاء والعافية.
والله أعلم.