الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس في مجرد التفكير في القصص الخيالية إثم، ولكن فيه إضاعة لنعمة الوقت فيما لا ينفع في الدين والدنيا، روى البخاري عن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ.
وأما التخيلات الجنسية: فباب من أبواب الشيطان وطريق إلى الفتنة، وهي نوع من الزنا المجازي لكونها طريقا إليه، روى البخاري ومسلم ـ واللفظ لمسلم ـ عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنى، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.
قال الملا علي القاري في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّمَنِّيَ إِذَا اسْتَقَرَّ فِي الْبَاطِنِ، وَأَصَرَّ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَدْفَعْهُ يُسَمَّى زِنَا، فَيَكُونُ مَعْصِيَةً، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ، وَلَوْ لَمْ يَعْمَلْ، فَتَأَمَّلْ.
وإذا تبت من هذه التخيلات فالحمد لله، ولا تسترسلي في التفكير في أمرها، فلا يترتب عليها شيء مما ذكرت من انتشار حرمة المصاهرة أو كفارة ونحو ذلك، فلا تجعلي للشيطان سبيلا ليشغلك بهذه الخواطر، ولابن القيم كلام جميل في حراسة الخواطر وحفظها ذكره في كتابه طريق الهجرتين، حيث قال: قاعدة في ذكر طريق يوصل إلى الاستقامة في الأحوال والأقوال والأعمال، وهي شيئان:
أحدهما: حراسة الخواطر، وحفظها، والحذر من إهمالها والاسترسال معها، فإن أصل الفساد كله من قبلها يجيء، لأنها هي بذر الشيطان، والنفس في أرض القلب، فإذا تمكن بذرها تعاهدها الشيطان بسقيه مرة بعد أخرى حتى تصير إرادات ثم يسقيها بسقيه حتى تكون عزائم، ثم لا يزال بها حتى تثمر الأعمال. اهـ.
والله أعلم.