الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلم نقف على كلام للفقهاء فيمن أقسم في الصلاة على فعل عبادة هل تبطل صلاته أم لا، ولكن وقفنا على كلامهم فيمن نذر في الصلاة هل تبطل صلاته بالتكلم بالنذر أم لا؟ قال النووي في المجموع: إذَا نَذَرَ شَيْئًا فِي صَلَاتِهِ وَتَلَفَّظَ بِالنَّذْرِ عَامِدًا هَلْ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ:...
أَحَدُهُمَا: وَبِهِ قَالَ الدَّارَكِيُّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي إسحق الْمَرْوَزِيِّ لَا تَبْطُلُ، لِأَنَّهُ مُنَاجَاةٌ لِلَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ مِنْ جِنْسِ الدُّعَاءِ.
وَالثَّانِي تَبْطُلُ، لِأَنَّهُ أَشْبَهُ بِكَلَامِ الْآدَمِيِّ.
وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ قَوْلَهُ سَجَدَ وَجْهِي لِلَّذِي خَلَقَهُ... اهـ.
وإذا كانت علة عدم البطلان بأنه مناجاة لله، فقول المصلي: اللهم وعزتك لأعتمرن ـ هو مناجاة أيضا، فلا تبطل به الصلاة مع أن احتمال البطلان وارد، فقد ذكر الفقهاء أن الصلاة تبطل بما دونه مما يحتمل الدعاء إذا لم يقصد به الدعاء، وحكموا ببطلان الصلاة بالتكلم ببعض القرآن إن لم يقصد به التلاوة، جاء في أسنى المطالب: وَلَوْ قَالَ: قَالَ اللَّهُ، أَوْ النَّبِيُّ كَذَا بَطَلَتْ صَلَاتُهُ، كَمَا شَمِلَهُ كَلَامُهُمْ وَصَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي، قَالَ فِي التَّحْقِيقِ وَغَيْرِهِ: وَلَوْ قَرَأَ إمَامُهُ: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ {الفاتحة: 5} فَقَالَهَا، بَطَلَتْ إنْ لَمْ يَقْصِدْ تِلَاوَةً، أَوْ دُعَاءً. اهــ.
وفي حاشية الرملي: وَلَوْ قَالَ مَا شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ قَالَ اللَّهُ، إنْ قَصَدَ قِرَاءَةً لَمْ تَبْطُلْ، وَإِلَّا بَطَلَتْ. اهـ.
وقال في تحفة المحتاج في سبب بطلان الصلاة بقول: قال الله ـ لِأَنَّهُ مَحْضُ إخْبَارٍ لَا ثَنَاءَ فِيهِ، بِخِلَافِ صَدَقَ اللَّهُ. اهـ.
هذا، وننبه إلى أنه لا ينبغي في الصلاة تقصد مثل هذه الصيغ المشتبهة التي لم ترد، وفيما ورد غنى وكفاية.
والله أعلم.