الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما تشير إليه هو ما ذكرناه في بعض الفتاوى من أن هبة الزوج بيت سكناه لزوجته محل خلاف بين الفقهاء، وهذه بعض النصوص الفقهية من كلام أهل العلم دالة على ذلك، قال الخرشي المالكي في شرح المختصر: تصح هبة الزوجة دار سكناها لزوجها، وأما هبة الزوج دار سكناه لزوجته، فإن ذلك لا يصح.
وجاء في الموسوعة الفقهية: وَاتَّفَقَ الْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَفِيَّةُ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَوْ وَهَبَتْ دَارَهَا لِزَوْجِهَا وَهِيَ سَاكِنَةٌ فِيهَا، وَلَهَا أَمْتِعَةٌ فِيهَا، وَالزَّوْجُ سَاكِنٌ مَعَهَا، فَإِنَّ هَذِهِ الْهِبَةَ صَحِيحَةٌ، وَلاَ يَجُوزُ أَنْ يَهَبَ الزَّوْجُ دَارَ سُكْنَاهُ لِزَوْجَتِهِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ؛ لأِنَّ السُّكْنَى لِلرَّجُل لاَ لِلْمَرْأَةِ، فَإِنَّهَا تَبَعٌ لِزَوْجِهَا، وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْ خُلُوِّ الدَّارِ الْمَوْهُوبَةِ مِنْ أَمْتِعَةِ غَيْرِ الْمَوْهُوبِ لَهُ، فَإِنْ كَانَتْ مَشْغُولَةً بِهَا، وَاسْتَمَرَّتْ فِيهَا، فَإِنَّ الْهِبَةَ لاَ تَصِحُّ. انتهى.
وفي المحيط البرهاني من كتب الحنفية: وعن أبي يوسف لا يجوز للرجل أن يهب لامرأته، أو أن تهب لزوجها ولأجنبي دارًا وهما فيها ساكنان.
وبناء على ما تقدم؛ فهبة الزوج دار سكناه لزوجته لا تصح إذا بقي بها يسكنها حتى مات، وأكثر من يفعل ذلك لا يريد حقيقة الهبة، وإنما يريد أن يكتب البيت لها في حياته؛ ليكون ملكه خالصًا لها بعد موته، وهذه وصية لا هبة.
والله أعلم.