الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله عز وجل أن يصلح حال هذا الرجل، وأن يرزقه رشده، ويدفع عنه الأوهام والوساوس، ونوصيك بالدعاء له بخير، فالله سبحانه قادر على أن يصلحه، فقلوب العباد بين يديه، روى مسلم عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء.
ولم يتبين لنا ما إذا كان خاطبا أم قد عقد له عليك العقد الشرعي، فإن تم العقد فقد أصبحت زوجة له، فلا حرج عليك في الحديث معه ونحو ذلك، لأنك زوجته شرعا، ولا يجوز له أن يسيء معاملتك أو يظن بك سوءا، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}.
ولا ينبغي له أن يهددك بالطلاق، فإن هذا نوع من سوء العشرة، ورب العزة يقول: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء:19}.
وإن كنت مجرد مخطوبة له، فإنك أجنبية منه، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: المخطوبة أجنبيةٌ من الخاطب، لا فرق بينها وبين من لم تكن خطيبة حتى يعقد عليها. اهـ.
فالواجب عليك التعامل معه على هذا الأساس، فلا تجوز لك محادثته إلا عند الحاجة، وبقدر الحاجة، ويبدو أن تساهلك في التعامل معه، وطول الحديث بينك وبينه هو الذي جر إلى ما جر إليه من بلاء وسب وإهانة، فقد أصبح يعاملك على أنك زوجة بدليل أنه يهددك بالطلاق، ولم يتم الزواج بعد.
فإن صلح حال هذا الرجل، ورجوت أن تدوم حياتك الزوجية معه على حسن حال ودوام عشرة، فاقبليه زوجا، وإلا فالطلاق قبل الدخول أهون وأقل أثرا منه بعده، وللمرأة طلب الطلاق للضرر البين، كما بيناه في الفتوى رقم: 37112.
وهذا على تقدير تمام الزواج، وعلى تقدير الخطبة فقط، ففسخ الخطبة أهون من أن يتم الزواج، ويكون الطلاق والفراق وفسخ الخطبة جائزا، وخاصة إن دعت إليه حاجة، ويكره لغير حاجة، كما هو مبين في الفتوى رقم: 18857.
وسلي الله عز وجل أن يبدلك من هو خير منه.
والله أعلم.